كشفت زيارة المبعوث الأمريكي، رودولف عطا الله، إلى مالي، التي اختتمها أول أمس، وسلسلة اللقاءات التي أجراها مع الحكام، باستثناء رئيس الدولة، آسيمي غويتا، لـ"تفادي حساسيات التوازنات الدولية في البلد"، عن أن مسألة الإرهاب والحرب في هذا البلد الإفريقي لا تزال ضمن اهتمامات البيت الأبيض، رغم العلاقات "المتينة" بين باماكو وموسكو.
وقوبلت عروض واشنطن لـ"الدعم العسكري والأمني لمواجهة انتعاش النشاط الإرهابي"، بشروط المجلس العسكري الانتقالي لأي تعاون خارجي، متمثلة في ثلاث نقاط رئيسية، وهي: "احترام سيادة مالي الكاملة، واحترام خياراتها الاستراتيجية، وتقديم مصلحة الشعب المالي على كل اعتبار".
ويُفهم من هذه الشروط، أن باماكو لمّحت أو تريد إيصال رسالة إلى واشنطن، بأن أي تعاون أو دعم، يتعين أن يتوافق مع توجهات السلطات الانتقالية العسكرية في إدارة الأزمة الحالية وفي تسيير الشأن السياسي بطريقتها التي انعدمت فيها الرؤية السياسية، وهو نموذج قد يتعارض مع تصورات البيت الأبيض.
ومن المثير للتساؤل، عرض واشنطن خدماتها على قادة باماكو الجدد، وهي تدرك أنهم دخلوا مرحلة متقدمة من التعاون مع موسكو، خصوصا في المجال العسكري والأمني، ما يحيل إلى تساؤلات أخرى عن الأسباب التي حركت إدارة ترامب في هذا التوقيت بالذات، وعن خطط وكيفيات تجسيد هذا التعاون في حالة ما إذا وافقت باماكو.. بمعنى، كيف يمكن تفادي التداخل المحتمل بين المقاربة الروسية، والمقاربة الأمريكية، في تجسيد التعاون مع باماكو، بالنظر إلى التناقضات التي عادة ما تميز النموذجين.
كما تحيل الشروط التي وضعها المسؤولون الماليون أمام عرض رودولف، بخصوص "احترام السيادة مالية الكاملة"، إلى أن مسألة الأزواد وتصنيفهم كمنظمة إرهابية، لا تخضع للنقاش أو إعادة نظر، في وقت لم تتبن الولايات المتحدة هذا التصنيف.
وكان رودولف، الذي أسندت إليه عدة مهمات في إفريقيا في ختام زيارته إلى مالي، أول أمس، قد صرح قائلا: "أنا هنا مبعوثا من البيت الأبيض، جئت لعرض خدماتنا على السلطات المالية، نمتلك أقوى جيش في العالم، وننتج أكثر الأسلحة تطورا، ونحن الأقدر على محاربة الإرهاب".
وفرضت العلاقات بين مالي وروسيا نفسها أمام رودولف، فقال: "ذلك قرار سيادي نحترمه، لكن مالي تبقى دولة مهمة بالنسبة لنا".
كما أرجع غياب لقائه بالرئيس الانتقالي، آسيمي غويتا، ووزير الدفاع ساديو كامارا، المعروف بقربه من موسكو، إلى حساسيات التوازنات الدولية في البلاد.
وميدانيا، شهدت كيدال، أكبر مدينة مالية في الشمال، معارك ومواجهات عنيفة بين عناصر جبهة تحرير الأزواد ودوريات ومروحيات من الجيش المالي، وأظهرت مشاهد فيديو نشرتها قيادات من التنظيم الذي استوعب كل الحركات الأزوادية، أن الصراع دخل مرحلة الذروة، وسط ما يمكن تسميته بصعوبات كبيرة تواجه الجيش في التقدم نحو الشال، بالرغم من إسناده بالفيلق الإفريقي.

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال