العالم

مالي: هل تستعد الطغمة العسكرية لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني؟

بقي الوفد المالي ضمن الحضور خلال كلمة بنيامين نتنياهو، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في الوقت الذي أفرغت فيه غالبية الوفود الممثلة لدول العالم القاعة الأممية لإدانة حرب إبادة الشعب الفلسطيني.

  • 6096
  • 3:16 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

هل يستعد الانقلابيون في مالي لتطبيع العلاقات مع نظام الفصل العنصري الصهيوني، الذي يرتكب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني؟ لا شيء مستبعد، كما يدل على ذلك حضور الوفد المالي خلال كلمة مجرم الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضي، في الوقت الذي أفرغت فيه غالبية الوفود الممثلة لدول العالم القاعة الأممية لإدانة حرب إبادة الشعب الفلسطيني.

وفضل ممثلو الوفدين المالي والمغربي صناعة الاستثناء والبقاء في القاعة، على الرغم من دعاية نظام المخزن التي أغفلت عمدا الإشارة إلى أن أحد أعضاء الوفد المغربي بقي بالفعل في القاعة.

 أما الصور التي تُظهر ناصر بوريطة وهو يُغادر القاعة ليست سوى ذر الرماد في العيون لاستغباء غالبية الرأي العام المغربي، الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني، والذي لم يعد يهضم رؤية المغرب يتحول إلى مستعمرة صهيونية.

 الطغمة العسكرية المالية معزولة

بعد أن منوا بفشل دبلوماسي ذريع في محاولة تسجيل حركة أزواد، على مستوى منظمة الأمم المتحدة، كحركة "إرهابية"، اتخذ أصحاب السلطة في باماكو، الذين يعتبرون أنفسهم زورا وبهتانا من حركة "البان أفريكانيزم"، خطوة في تأييد ودعم الإبادة الجماعية للفلسطينيين، بعد أن سلموا أوراق اعتمادهم لنظام المخزن، الذي أصبح فرعا للصهيونية الدولية ومستعمرة صهيونية.

 إن الطغمة العسكرية في مالي التي باتت تسرق اليوم حق الماليين في امتلاك سلطة ديمقراطية ناتجة عن نتائج صناديق الاقتراع، وبعد أن أغلقت المجال السياسي، وعلقت عمل الأحزاب السياسية، وأبقت على فترة انتقالية طويلة الأمد في انتهاك للالتزامات التي قطعتها عند توليها السلطة في عام 2021، وبعد أن تخلت عن اتفاقيات الجزائر الناتجة عن الحوار المالي الداخلي الذي قادته الجزائر بتفويض من الأمم المتحدة، ألقت بنفسها في أحضان نظام المخزن، بيدق الاستعمار الفرنسي الجديد وفرع من فروع الكيان الصهيوني.

 علاوة على ذلك، لم تتأخر الطغمة العسكرية المالية عن التنصل من التزاماتها السياسية، بتأييدها المقترح المغربي المتعلق بالوصول إلى البحر. وهي مرحلة أولى ضرورية للانضمام إلى المخطط الصهيوني الممول من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، لإطلاق الممر الذي يربط فلسطين المحتلة (الضفة الغربية وغزة) بغرب إفريقيا عبر منطقة القرن الإفريقي وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

 ولو كانت نوايا الطغمة العسكرية في مالي صادقة، لكانت عززت تعاونها مع جارتها الإيفوارية، الأقرب إليها والتي تتمتع بإمكانية الوصول إلى البحر.

 المخطط الصهيوني لمنطقة الساحل

إن محاولات وتصريحات الطغمة العسكرية المالية الرامية إلى تشويه صورة الجزائر ليست بريئة على الإطلاق، بقدر ما هي جزء من الخطوة الأولى في تنفيذ المخطط الصهيوني الممول من أبو ظبي، والهادف إلى ترسيخ النفوذ والهيمنة على ممرات التجارة التي تربط القارة الإفريقية ببقية العالم. وهنا يأتي دور الإمارات في دعم الانقلابيين في مالي، وتزويدهم بالسلاح، وتمويل عملياتهم التي تستهدف الشعوب والحركات السياسية الرافضة لإملاءاتها. وتحت رعاية الكيان الصهيوني، تعمل الإمارات على إحياء الممر التجاري العريق الذي يربط غرب إفريقيا بالشرق الأوسط وأوروبا عبر منطقة الساحل وليبيا ومصر.

وهو ممر تجاري شهير شهد عصره الذهبي من القرن الحادي عشر إلى القرن الخامس عشر. ويهدف هذا المخطط الصهيوني إلى السيطرة على هذا الممر من خلال ربطه بالممر التجاري الهندي الجديد، مع العلم أنه تم التوصل مؤخرا إلى اتفاق لربط الهند بموانئ غزة وحيفا في فلسطين المحتلة، ومن ثم الوصول إلى أوروبا.

وهذا من شأنه أن يُشكل بُعدا استراتيجيا يهدف إلى خلق توازنات قوى جديدة، في إطار خطة "إسرائيل الكبرى" الصهيونية التي تهدف إلى الهيمنة على التجارة الدولية وموارد الطاقة.

في هذا الصدد، لا بدّ من التأكيد على أن الجزائر تبقى السد المنيع أمام تنفيذ هذا المخطط الصهيوني الممول من أبو ظبي. وهذا ما يُفسر أيضا المؤامرات التي يُنفذها المحور المغربي الإماراتي الصهيوني ضد الجزائر. وهي المؤامرات التي تُشاركها اليوم الطغمة العسكرية المالية.

 وانضمت مالي إلى هذا المخطط الصهيوني في نوفمبر 2023، بمناسبة الاتفاق مع المغرب حول تنفيذ مخطط الوصول إلى المحيط الأطلسي، وهو ما يُؤكد أن انقلابيي مالي هم بيادق لتحقيق المخطط الصهيوني، الذي يهدف أحد فصوله إلى إضعاف الجزائر، الفاعل الرئيسي والمحوري المعارض للتطبيع مع الكيان الصهيوني.

إن التخلي عن اتفاقيات الجزائر، والأكاذيب المحيطة بالطائرة المسيرة التي أُسقطت، والافتراءات حول التدخل الجزائري في الشؤون المالية، لم تكن سوى حيل وذرائع واهية تهدف إلى إقناع الشعب المالي بتطبيع "مستقبلي" مع نظام الفصل العنصري بقيادة جنرالات الإبادة الجماعية في تل أبيب. ولا يُمكن لبلاد موديبو كيتا قبول هذا. والكلمة الفصل للشعب المالي.