يسعى الكيان الصهيوني وحلفاؤه وأتباعه من العرب، إلى تجسيد خطة ما يسمى "درع إبراهيم"، امتدادا للمشروع المسمى زورا "اتفاقات أبراهام"، وهو تصور مسبق واستباقي، أطلقه ما يسمى "تحالف الأمن الإقليمي"، في شكل مبادرة سياسية أمنية صهيونية "تمهّد الطريق لدولة إسرائيل للخروج من حروب الاستنزاف إلى واقعٍ من الأمن والاستقرار والازدهار، والاستفادة من الفرصة الإقليمية الراهنة".
وتنطلق الخطة من فكرة أن عملية طوفان الأقصى "جزء من خطة إيرانية الهدف منها تخريب عملية التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، ومنع اعتراف الدول العربية المعتدلة بدولة إسرائيل، وبالتالي منع تعزيز التحالف الإقليمي المعتدل الذي يُهدد إيران".
وتم تصميم الخطة للانعتاق من الحزام الذي التف على رقبة الكيان في المنطقة، واعتبارها المخرج الوحيد له، معتبرا في الوثيقة المتداولة التي تعّرف بالخطة، بأن إيران بنت نظام "وكلاء" مُعقّد بحنكة بالغة على مدى سنوات طويلة، بهدف مُحاصرة دولة إسرائيل وخنقها من منطلق تحويل غزة إلى "حماستان"، وجنوب لبنان إلى "حزب اللهستان"، وأسست ميليشيات في العراق وسوريا، وعززت الحوثيين في اليمن".
وترتكز الخطة على مراحل ومحاور، ويعتبرها الصهاينة وأتباعهم الجدد، "مهمة تاريخية لدولة إسرائيل في ترجمة إنجازاتها العسكرية الهائلة إلى نقطة تحول سياسية واغتنام الفرصة الإقليمية الحالية، لإرساء نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط".
وبالرغم من أن الواقع الميداني في غزة يدحض المحور المتعلق بالمقاومة، بالنظر إلى العمليات النوعية لهذه الأخيرة، وأيضا عجز الكيان عن السيطرة على المعارك، رغم التكلفة البشرية غير المسبوقة، إلا أن الصهاينة تحدثوا في الخطة عن "إغلاق الجبهة في غزة، وإعادة جميع الرهائن، وتشكيل حكومة انتقالية تكنوقراطية في القطاع، ونزع الصبغة الحمساوية بقيادة إقليمية".
وستدعم سلطات الاحتلال وقف إطلاق نار شامل، وتلتزم بانسحاب قواتها من غزة مقابل إعادة جميع الرهائن، أحياءً وأمواتًا، ثم ستعمل ما أسمته "قوات الشرطة العربية في غزة لفرض القانون والنظام خلال الفترة الانتقالية".
وسينخرط في الخطة دول عربية موصوفة من قبل الكيان الصهيوني بالمعتدلة، بقيادة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، من أجل إعادة إعمار غزة.
كما تقود الدول العربية عملية "نزع الصبغة الحمساوية" في غزة، وهي في نظر معدي الخطة "عملية نزع تطرف عميقة في المجتمع والتعليم (كما طُبّقت بنجاح في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية).
ويعتزم هؤلاء إلغاء التعامل النقدي في قطاع غزة وتطبيق آلية متطورة للرقابة النقدية، بالإضافة إلى تطبيق الاتفاق في جنوب لبنان، من خلال سياسة "صفر انتهاكات" ودعم "إسرائيل" الجهود الدولية والإقليمية التي تقودها الولايات المتحدة لتعزيز الجيش اللبناني، واستقرار الحكومة اللبنانية، وتعميق فصل دولة لبنان عن المحور الإيراني، وفق الخطة.
وتتضن الخطة "تحقيق الاستقرار في سوريا وتحويلها إلى منطقة عازلة ضد المحور الإيراني"، مع فرض نزع السلاح في مرتفعات الجولان السورية، وستحافظ مؤقتا على المنطقة العازلة حتى تشكيل حكومة جديدة مسؤولة ومستقرة تحترم اتفاقية فصل القوات لعام 1974، أو حتى نشر قوات دولية كبيرة في المنطقة.
وفي ضوء مركزية تركيا في تشكيل النظام المستقبلي في سوريا، في إطار المشروع، ستُنشئ دولة الاحتلال قناة اتصال مع تركيا لتعزيز المصالح المشتركة في الاستقرار الإقليمي، ثم إحداث تطبيع سريع مع المملكة العربية السعودية وتوسيع "اتفاقيات إبراهيم"، ومن اتفاقيات أبراهام المزعومة إلى "تحالف إبراهيم"، وهو "تحالف إقليمي معتدل يُنظّم التعاون الأمني والاستخباراتي والسياسي في الشرق الأوسط بين إسرائيل ومصر والأردن والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والمغرب والسودان ودول معتدلة أخرى، بدعم من الولايات المتحدة والغرب".
وستعمل دولة الاحتلال في سياق الخطة على تعريف منطقة "تحالف إبراهيم" كمنطقة تجارية خاصة في الشرق الأوسط ومركز اقتصادي عالمي. وسيتم توقيع اتفاقيات للتعاون الاقتصادي الإقليمي في مجالات البحث والتكنولوجيا والعلوم والبيئة والسياحة والتجارة والزراعة والمياه، بالتزامن مع بناء مشاريع ضخمة للبنية التحتية والسكك الحديدية والطرق العابرة للحدود بين الخليج والبحر الأبيض المتوسط، مما سيفتح أسواقًا جديدة رئيسية أمام الصهاينة.
وبالنسبة للقضية الفلسطينية، يتحدث المشروع عن "أنه على الرغم من عدم وجود إمكانية حاليًا لإقامة دولة فلسطينية، إلا أن الصهاينة سيلتزمون بالعمل مع الشركاء الإقليميين والإدارة الأمريكية لتهيئة الظروف لمسار انفصال تدريجي عن الفلسطينيين، بشروط، خلال عقد من الزمن، كجزء من ترتيب إقليمي شامل".
ولن تقوم دولة الاحتلال بضم أراضٍ في قطاع غزة أو الضفة الغربية من جانب واحد، وسيتم "إخضاع السلطة الفلسطينية لإصلاح حكومي شامل للقضاء على الفساد وتعزيز الحكم الرشيد"، مع "إنشاء نظام حكم فلسطيني معتدل ومستقر وفعال في الضفة الغربية وغزة، دون تمثيل لحماس كحزب سياسي".
وتستهدف الخطة وقف "تعليم كراهية إسرائيل في المدارس والتحريض ضدها في المؤسسات الحكومية والمساجد، واستبدالها ببرامج تعليمية للتسامح والتعايش"، غير مستبعدة انضمام الفلسطينيين إلى "تحالف إبراهيم"، مشيرة إلى انهيار نموذج "إدارة الصراع".

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال