الوطن

الإنجليزية ليست "غنيمة حرب" مثل الفرنسية

لأن الإنجليزية لسان حال العلماء وثورة يقودها الذكاء الاصطناعي.

  • 7035
  • 2:27 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

جاء إدراج اللغة الإنجليزية في امتحان تقييم مكتسبات الابتدائي، بعد توسيع تدريسها إلى الرابعة ثم الخامسة، ليكرّس تحديّا كبيرا رفعته وزارة التربية، ومن خلالها السلطات العمومية، مكّن من "ترسيم وتجذر" عمليا وفعليا قرار فرضها في الطور الابتدائي، ليست كـ"غنيمة حرب" مثلما توصف به الفرنسية، وإنما كلغة عالمية تحولت إلى لسان حال العلماء والباحثين والخبراء عبر العالم، ولغة إيداع وتطور تكنولوجي بل ثورة يقودها الذكاء الاصطناعي في كل المجالات والقطاعات بشكل منقطع النظير.

كان قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون "التاريخي" باعتماد اللغة الإنجليزية بدءا من الطور الابتدائي، بعد دراسة عميقة للخبراء والمختصين، ليحدث القطيعة مع "وصاية" اللغة الفرنسية التي شهدت تكريسا وتجذرت في المنظومة التربوية الوطنية بداية من هذه المرحلة، إلى درجة أن أصبحت الفرنسية مادة أساسية استهوت العديد من الأولياء ممن هرولوا باتجاه المدارس الخاصة خصيصا، من أجل اكتساب أبنائهم المتمدرسين هذه اللغة بطلاقة، وأيضا قصد "فرنسة" كل منهاجهم الدراسية وما لذلك من إسقاطات على بيئتهم داخل المجتمع.

وإن كان قرار تدريس الإنجليزية في الابتدائي لم يقابله قرار آخر بحذف الفرنسية من هذا الطور، إلا أن مجرد إدراج لغة أجنبية منافسة لهذه الأخيرة في طور مبكر من الدراسة، يعتبر بمثابة بداية تغييرات جذرية ستمس المناهج المقررة، والدليل على ذلك أن وزارة التربية الوطنية وبمجرد إعلان رئيس الجمهورية عن إقرار الإنجليزية في الابتدائي، باشرت دون تأخير أولى مراحل تجسيده، حيث تم فتح باب التوظيف لما يزيد عن خمسة آلاف أستاذ عن طريق التعاقد لتأطيرها، موازاة مع تكليف مفتشي مادة اللغة الإنجليزية في الطور المتوسط بالتكوين التهييئي لهؤلاء الأساتذة.

وفي هذا الإطار، تم تجنيد كل فواعل الأسرة التربوية لمرافقة تجسيده ميدانيا، وهو ما ترجمته العبارة التي قالها الوزير السابق عبد الحكيم بلعابد، وقتها، بخصوص اعتماد اللغة الإنجليزية في السنة الثالثة من الطور الابتدائي بداية من السنة الدراسية 2022-2023، حيث شدد على أن القرار هو "تحدٍّ رفعته الدولة الجزائرية لتمكين التلاميذ من اكتساب هذه اللغة الحية".

وفعليا، ولمعالجة المشكل الخاص بعدم وجود مفتشي مادة الإنجليزية في الطور الابتدائي، تقرر رسميا إجراء امتحان مهني للالتحاق برتبة مفتش التعليم الابتدائي - تخصص لغة إنجليزية، حيث تم استنفار مديريات التربية عبر الوطن لتجسيد الترتيبات المتعلقة بهذا الامتحان، قصد ضمان تأطير أساتذتها ومرافقتهم ميدانيا، خاصة بعد أن تقرر توسيع تدريس هذه المادة إلى قسم الخامسة ابتدائي، وهي المهمة التي يقوم بها حاليا مفتشو التعليم المتوسط للغة الإنجليزية.

وجاء قرار تنظيم هذا الامتحان على خلفية ترخيص استثنائي من وزارة المالية للأساتذة المكوّنين في التعليم المتوسط، ممن يستوفون خمس سنوات أقدمية بهذه الصفة، وبعد متابعتهم بنجاح تكوينا متخصصا مدته سنة دراسية واحدة، للترقية إلى رتبة مفتش في الابتدائي، في تخصص اللغة الإنجليزية، وذلك في حدود المناصب المفتوحة لهذه الرتبة بعنوان سنة 2024.

ورافق قرار إدراج الإنجليزية في الابتدائي، منذ بداية الإعلان عنه، تنظيم دورات تكوينية، لفائدة أساتذة اللغة الإنجليزية، بهدف التحسين المستمر في مستوى تدريسها، وبشكل متواصل، لرفع "تحدي" تدريسها.

وبخصوص تقييم تدريس مادة اللغة الإنجليزية في الطور الابتدائي، بعد عام من تدريسها، أعلنت وزارة التربية بأنه تم تحقيق نتائج "ممتازة"، ما يفسر القرار "الاستراتيجي" بإخضاع أستاذة التعليم الابتدائي في اللغة الإنجليزية، على مستوى المدارس العليا للأساتذة للتكوين، لتعزيز هذه اللغة في النظام التربوي الجزائري.