دخلت العلاقات بين الجزائر وفرنسا منعطفا جديدا وخطيرا، بعد قرار وزارة الشؤون الخارجية طرد 12 موظفا من البعثة الدبلوماسية الفرنسية في الجزائر، ردا على إيداع موظف من البعثة الدبلوماسية الجزائرية في فرنسا الحبس، ومتابعته قضائيا من قبل القطب المتخصص بالإرهاب. فهذه التطورات مرشحة للمزيد من التعقيد والتأزيم.
لكن ما هي خلفيات هذا الصدام الدبلوماسي غير المسبوق؟ كانت الخارجية الجزائرية قد أبلغت سفير فرنسا في الجزائر، السيد ستيفان روماتي، "احتجاج الجزائر الشديد على قرار السلطات القضائية الفرنسية، توجيه التهمة ووضع أحد موظفيها القنصليين، الذي يمارس مهامه على الأراضي الفرنسية، رهن الحبس المؤقت، وذلك في إطار فتح تحقيق قضائي بشأن مزاعم اختطاف المجرم المعروف باسم "أمير بوخرص"، الملقب بـ"أمير دي زاد"، سنة 2024.
كما عبرت "الجزائر عن رفضها القاطع، شكلا ومضمونا، الدوافع التي قدمها الادعاء العام الفرنسي المختص بقضايا الإرهاب، لتبرير وضع موظفها القنصلي رهن الحبس المؤقت". فكيف وصل الأمر ببلد مثل فرنسا العريق بتقاليده الدبلوماسية أن توقف موظفا قنصليا في الطريق العام، ثم تضعه رهن الحجز دون إخطار مسبق عبر القنوات الدبلوماسية، في خرقٍ صارخ للامتيازات والحصانات المرتبطة بمهامه لدى القنصلية الجزائرية بكريتاي؟
-
- الوطن
- 14-04-2025
- 07:48
الجزائر تطرد 12 موظفا بالسفارة الفرنسية
أمهلتهم 48 ساعة لمغادرة التراب الوطني.
وتعتبر الحصانات والامتيازات الدبلوماسية بمثابة الجزء الأساسي في القانون الدولي الذي يحكم العلاقات بين الدول، وتهدف إلى توفير الحماية القانونية والأمنية للمبعوثين الدبلوماسيين لضمان أداء وظائفهم بفعالية في الدول المضيفة. وتشمل هذه الحصانات والامتيازات حماية مقر البعثة الدبلوماسية وممتلكاتها ووثائقها ووسائل الاتصال اللازمة.
ووضعت على عاتق الدول التزامات باحترام ومراعاة هذه الحصانات.
-
- الوطن
- 14-04-2025
- 13:35
تجدد الأزمة بين الجزائر وباريس.. نائب فرنسي يتهم روتايو
"روتايو يريد استغلال ملف الجزائر لأهداف شخصية في مقدمتها الترشح للرئاسيات".
وتعتبر هذه الحصانات جزءا من المبادئ المتفق عليها في العلاقات الدولية، والتي تهدف إلى تسهيل مهام الدبلوماسيين وضمان قدرتهم على تنفيذ وظائفهم دون تدخل أو عوائق قانونية من قبل الدولة المضيفة.
وتمنح الحصانة الجنائية المبعوث الدبلوماسي الحماية من أي نوع من المحاكمات الجنائية في الدولة المضيفة. حتى في حال ارتكابه جريمة جنائية، فإن القانون الدولي يحميه من المقاضاة. ومع ذلك، يحق للدولة المضيفة إعلان الدبلوماسي شخصا غير مرغوب فيه (persona non grata) ومطالبته بمغادرة البلاد.
وكانت السلطات الجزائرية قد أصدرت قرارا، باعتبار نائب القنصل العام المغربي في وهران، محمد السفياني، شخصا غير مرغوب فيه، مع إلزامه بمغادرة البلاد خلال 48 ساعة. وأوضح بيان الخارجية أن "تصرفات المعني المشبوهة تتنافى مع طبيعة مهامه في الممثلية القنصلية المذكورة. بما يشكل خرقا للقوانين الجزائرية سارية المفعول في هذا المجال، وللقوانين والأعراف الدولية ذات الصلة، خاصة اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية". لكن الجزائر لم تتجرأ على توقيفه أو محاكمته رغم أن تصرفاته كانت تهدد الأمن القومي للبلاد.
وكان من المفروض على السلطات الفرنسية اللجوء إلى هذا الخيار على الأقل للحفاظ على الشكليات وإخفاء سوء النوايا. وتكمل هذه الاتفاقية، اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية سنة 1963، وهي تحدد إطارا للعلاقات القنصلية بين الدول، كما تركز على دور القنصليات في حماية مصالح مواطني الدولة التي تمثلهم في الخارج، وتقديم الخدمات القنصلية لهم.
وتستند العلاقات الدبلوماسية إلى مجموعة من المبادئ الأساسية التي تضمن السير الحسن للعمل الدبلوماسي، ومن أهم هذه المبادئ: مبدأ المساواة بين الدول، وهو ينص على أن جميع الدول متساوية في الحقوق والواجبات، بغض النظر عن حجمها أو قوتها الاقتصادية أو العسكرية.
-
- الوطن
- 13-04-2025
- 20:00
"نحن أمام عملية مدبّرة لإجهاض التقارب بين الجزائر وفرنسا"
أستاذ العلاقات الدولية بجنيف، الدكتور حسني عبيدي، يعود في تصريح لـ"الخبر" لقضية توقيف الموظف القنصلي الجزائري في باريس.
مع الاحترام الصارم لمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها بما فيها بعثاتها الدبلوماسية. إذ يعتبر مقر السفارة جزءاً من الدولة المرسلة من الناحية القانونية، ولا يجوز حتى لأفراد الشرطة أو الجهات الأمنية الدخول إليه، حتى في حالات الطوارئ، إلا بعد الحصول على موافقة من السفارة ذاتها.
تحضرني حادثة خطيرة وقعت في أفريل 1984، حين أقدمت السفارة الليبية في لندن على جرح متظاهرين ليبيين وقتل شرطية بريطانية، وذلك عندما اجتمع عدد من الليبيين، غالبيتهم من الطلبة المقيمين في بريطانيا، أمام مكتب الشعب الليبي (السفارة الليبية) في لندن للتظاهر ضد سياسة الرئيس الليبي معمر القذافي.
وعلى رغم من سلمية التظاهرات وعدم الاقتراب من باب السفارة الليبية، إذ شكلت الشرطة البريطانية سدا بين المتظاهرين والسفارة، أطلق رجال مجهولون من داخلها النار بطريقة عشوائية، فأصيب أكثر من 10 متظاهرين بجروح، وقتلت شرطية بريطانية، وطالب وزير الداخلية البريطاني حينها بأن تسمح ليبيا للشرطة البريطانية بدخول المبنى لجمع الأدلة وتحديد المشتبه فيهم في إطلاق النار، لكن المسؤولين الليبيين رفضوا ذلك استنادا إلى قانون الحصانة الدبلوماسية، ولم تستطع بريطانيا اتخاذ أي إجراءات قضائية ضد المجرمين الذين أطلقوا النار، واكتفت باعتبار الدبلوماسيين الليبيين أشخاصاً غير مرغوب فيهم وطردتهم من البلد.
تصرف السلطات البريطانية بهذه الطريقة لا يعني أنها كانت ضعيفة، ولكن ينم عن تمسك واحترام هذه الدولة العريقة بالاتفاقيات الدولية، ولو أن الحادثة كانت أدت إلى وفاة مواطنة بريطانية.
هذا المثال يبين أن مصالح الأمن التابعة لوزارة الداخلية الفرنسية التي سيرت قضية المدعو "أمير ديزاد" وظفت صلاحياتها بطريقة "ماكيافيلية" لضرب التقارب الذي حققه الرئيسان تبون وماكرون، بعد مكالمتهما الهاتفية الأخيرة، والزيارة الأخيرة التي أداها وزير الخارجية الفرنسي، السيد جان نويل بارو، إلى الجزائر، واستقبل من قبل الرئيس تبون، وبدت التصريحات التي أعقبت هذه الزيارة جد متفائلة، لكن سرعان ما تحركت شياطين "اليمين المتطرف" وأصحاب الحنين إلى "الجزائر الفرنسية" لتنسف هذا التقارب، باللجوء إلى استفزازات غير مسبوقة، فرضت على الجزائر أن تتخذ إجراءات ردعية للمعاملة بالندية والمثل، ولا نستبعد أن يعرف هذا التصعيد تطورات أخرى قد تؤدي إلى قطيعة نهائية.
إما أن تنجح الجهود الدبلوماسية ويتحرر الرئيس ماكرون نهائيا من لوبي وزير الداخلية "روتايو" في احتواء الأزمة وإيجاد حلول مرضية للأطراف، أو تستمر الأزمة في التفاقم وقد تؤدي إلى عواقب وخيمة، والخاسر لا محالة، سيكون خاسرا والرابح سيكون خاسرا.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال