البطل الشهيد العربي بن مهيدي، أثار الذعر في جنرالات فرنسا بابتسامته، عندما كان حيا، وهاهو يقض مضاجع أحفاد الكولونيالية وهو ميت، بحيث كانت تدوينة ريما حسان النائبة الأوروبية لصورة البطل الشهيد بن مهيدي في صفحتها في منصة "إكس"، كافية لتثير حالة طوارئ وسط اليمين المتطرف الفرنسي لينفثوا حقدهم الدفين.
عندما يكثر العواء ضد ريما حسان من قبل اللوبي اليميني الصهيوني في فرنسا، فهو أكثر من دليل على أن الضربة موجعة والهدف تحقق رغم حملات الدعاية المسخرة من قبل قنوات بولوري، للتغطية على نشطاء سفينة "مادلين" لكسر الحصار عن غزة. لماذا ثارت ثائرة الإعلام الفرنسي الذي أراد "تتفيه" مبادرة سفينة الحرية والنيل من النائبة ريما حسان دون غيرها، رغم أن السفينة كان بها أكثر من 12 شخصا من بينهم غريتا ثنبرغ الناشطة السياسية والبيئية المعروفة أكثر من القيادية في حزب "فرنسا الأبية"؟ لم يكتف اليمين المتطرف على لسان منتخبين، بانتقاد تغني ريما حسان بالبطل الثوري، العربي بن مهيدي، الذي وصفوه بـ "الإرهابي"، بل هناك من ذهب إلى المطالبة بتجريدها من جنسيتها الفرنسية، واللوبي الصهيوني يريد تهجيرها من فرنسا إلى سوريا. المهم لا حديث في بلاطوهات قنوات بولوري وغيرها سوى عن ريما حسان، التي استطاعت إخراج أحفاد الكولونيالية من جحورهم وبمستوى من الحقد والكراهية غير مسبوق وكأنها أحرقت قوس النصر أو أضرمت النار في برج إيفل.
بالنسبة للصحفي المخضرم، جون ميشال أباتي، ما قامت به ريما حسان، هو إطلاق صفارة إنذار لإخبارنا عن تعرّض شعب غزة للإبادة، فهل يعقل مثلما تساءل "أن يقابل المبلّغ عن الإبادة بالإنتقاد والسخرية من قبل بعض وسائل الإعلام الفرنسية"، في إشارة إلى الحملة التي تشنّها ضدها قنوات فانسون بولوري، على غرار قناة "سي نيوز"، "أوروب 1"، صحيفة "جورنال دو ديمانش"، يضاف إليها "الفيغارو" و"لوبوان".
يأتي هذا في وقت أطلقت أكثر من 200 منظمة معنية بحرية الصحافة وقاعات تحرير دولية، نداء عاما للمطالبة بوصول فوري ومستقلّ وغير مقيّد للصحفيين الدوليين إلى قطاع غزة. كما تدعو إلى توفير الحماية الكاملة للصحفيين الفلسطينيين الذين قُتل منهم ما يقرب من 200 على يد الجيش الإسرائيلي خلال الأشهر العشرين الماضية. هل أصبح الحديث عن حرية الصحافة وحقوق الإنسان في فرنسا في ذيل اهتمامات النخب الإعلامية والسياسية، وأضحى الدفاع عن الاحتلال والعنصرية والكراهية أولوية في بلاد فيكتور هيجو؟ الذين كانوا شهودا بصمتهم بالأمس لما تم اغتيال العربي بن مهيدي على أيدي الجنرال بيجو وأوساريس وحوّلوا الشهادة إلى "انتحار"، هم أنفسهم اليوم الذين يشنون الحملة لقمع مسيرة نشطاء سفينة "مادلين"، لا لأنها تُهدد الأمن، بل لأنها تُهدد الصمت، وتعلن تضامنها مع من رفضوا أن يكونوا شهودا على الإبادة في غزة.
الغريب في الأمر طالما كان تحالف اللوبي اليميني الصهيوني يعلمون مسبقا، حسب تصريحاتهم في مختلف القنوات، بأن سفينة "مادلين" لن تصل إلى غزة وليس بمقدورها كسر الحصار الجائر، فلماذا أصيبوا بغصّة في حلقهم وأخرجوا كل آلتهم الدعائية من تلفزيونات وصحف ومواقع إلكترونية للتغطية على الحدث لكنهم عبثا يحاولون. لقد ثارت ثائرة نواب ومنتخبين لليمين المتطرف، فقط لأن ريما حسان عنونت رحلتها إلى غزة بصورة البطل العربي بن مهيدي الذي قال "ارموا بالثورة للشارع يحملها الشعب"، وهو ما كانت نتيجته ثورة التحرير المجيدة التي هزمت جنرالات فرنسا وطردت الاستعمار من أرض الجزائر.
ما زالت صورة العربي بن مهيدي، الثائر المبتسم، حتى وهو ميت، ملهمة للثوار في العالم وتنغّص يوميات أحفاد الكولونيالية إلى يومنا هذا، وتذكّرهم بأن البروباغندا الاستعمارية التي جعلت "الجزائر فرنسية"، مثلما أسقطت الاحتلال بالأمس، مثلما سيكون نفس المآل لاحتلال الكيان لفلسطين، وما عواء وصراخ أحفاد الكولونيالية في قنوات بولوري الفرنسية سوى دليل على أن القضية في الطريق الصحيح.

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال