الوطن

رسائل من استقبال تبون لشخصية مقربة من ماكرون

زيارة سعادة جاءت ضمن سياق متأزم بشكل غير مسبوق بين الجزائر وباريس.

  • 10710
  • 2:35 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

شكل استقبال رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس الإثنين، الرئيس المدير العام للشركة البحرية لنقل الحاويات والشحنCMA CGM ، رودولف سعادة، المقرب من الرئيس الفرنسي، منطلقا لعدة تأويلات سياسية حول اتجاهات الأزمة بين الجزائر وباريس، كون الزيارة جاءت ضمن سياق متأزم بشكل غير مسبوق بين العاصمتين.

كما يعتبر رودولف سعادة أول شخصية فرنسية تحل بالجزائر منذ الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الفرنسي، جون نوال بارو، مطلع شهر أفريل، في سياق مخرجات الاتصال الذي جرى بين رئيسي البلدين منذ شهرين، قبل أن تنتكس الوضعية على إثر سجن القضاء الفرنسي موظفا قنصليا جزائريا في فرنسا.

 وبالرغم من أن الزائر لا يحمل صفة حكومية ولا حزبية ولا سياسية، تمكنه من إجراء تصريحات في شأن سياسي يخص العلاقات بين الجزائر وباريس، أو لعب أدوار سياسية علنية، إلا أن عدة قراءات تذهب وتربط الزيارة بمساعي التهدئة للانسداد القائم منذ عشرة أشهر، انطلاقا من أن الرجل تربطه علاقات خاصة مع ماكرون، وسبق وأن رافقه في زيارته إلى الجزائر سنة 2022.

وضمن القراءات التي ترى أن هذا المستجد في مسار العلاقة المتأزمة بين البلدين، يندرج في جهود التهدئة، يرى أستاذ التعليم العالي في مرسيليا بفرنسا، الدكتور عبد القادر حدوش، في تصريح لـ"الخبر" أن استقبال رئيس الجمهورية لشخصية اقتصادية فرنسية تعتبر مقربة جدا من محيط الإليزيه، يدخل في  احتمالات وفرضيات تفيد بأن سعادة حاملا لرسالة سياسية من الرئيس إيمانويل ماكرون إلى نظيره الرئيس عبد المجيد تبون.

 وإذا كان الأمر كذلك، في نظر البرلماني السابق عن الجالية الجزائرية بفرنسا، فهو سيكون "مؤشرا على وجود محاولات تهدئة الأوضاع بالموازاة مع محاولات التأزيم المتصاعدة أيضا، وإعادة تدريجية للعلاقات مع رجل محسوب على ماكرون وعلى الاقتصاد أكثر منه على السياسيين"، الذين ينتمي أغلبهم إلى تيار اليمين واليمين المتطرف.

 وبالسؤال عن إمكانية أن تلعب شخصية لا تحمل أي صفة سياسية أو حزبية أو رسمية أدوارا في تغيير أو تعديل أو التأثير في الخط الذي تسلكه الأزمة، أجاب المتحدث بالتأكيد، خاصة أن "الرجل مقرب من الرئيس ماكرون، الذي يعتبر المحاور المرجعي بالنسبة للحكومة الجزائرية، على حد تعبير الرئيس عبد المجيد تبون، وهو الذي يملك، بصفة شبه حصرية، سلطة تحديد اتجاهات ملف العلاقات الخارجية".

 وربط الجامعي الزيارة أيضا، بطبيعة "علاقة الصداقة" بين الرئيسين عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون، ورجح أن تكون منطلقا لها، غير مستبعِد أن تكون "عاملا مساعدا" في اتجاه التهدئة وإيجاد مخرج متوافق عليه للازمة.

 وفي تقييمه للعلاقات بين الطرفين، قال المتحدث إن الزيارة تعطي الانطباع بانعدام أو شبه انعدام للتواصل المؤسساتي المباشر بين العاصمتين، في ظل غياب سفيري البلدين، مشيرا إلى أن هذا الوضع "سابقة استثنائية في تاريخ العلاقات الجزائرية - الفرنسية.. فالأمر ليس بالهين!".

 وتأتي هذه الخطوة، بحسب تقدير حدوش، في وقت أن المستفيد الأكبر حاليا من هذا الوضع هو التيار اليميني الفرنسي الشعبوي المتشدد، لحسابات تتعلق أساسا بما بعد ماكرون، أي رئاسيات أفريل 2027.

ولهذا يتعين، وفقه، الحذر لتفادي كل سيناريو من شأنه المساهمة، ولو بأسلوب غير مباشر، في دعم هذا التيار للوصول إلى قصر الإليزيه. وبالنسبة للموازين المحيطة بالأزمة واتجاهاتها، يرى حدوش أن "المصلحة المشتركة تقتضي التهدئة والرجوع إلى علاقات طبيعية أساسها المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وحان الوقت لفتح نقاش جاد، وأولى المراحل تبدأ بعودة سفيري البلدين، كل إلى منصبه".