حاورتها: لامية أورتيلان
قالت رئيسة جمعية 8 ماي 1845 ببجاية، السيدة وردية بخوش، بأن إحصاء عدد ضحايا مجازر الثامن ماي 1945 مرتبط بمدى تفاعل الجانب الفرنسي مع الجزائر في مسألة الأرشيف، وأكدت المتحدثة في حوار لـ"الخبر": "أن عدد ضحايا المجازر يبقى مرهونا بمدى جدية السلطات الفرنسية في رفع الغطاء على ملف هذه الأحداث وجعل الشواهد التاريخية في متناولنا".
وذكرت رئيسة جمعية 8 ماي أنه في عهدة المرحوم بشير بومعزة كمؤسس ورئيس للجمعية قام بتسمية جدارية في محطة القطار ووضع نصب تذكاري للشهداء بفرنسا باسم "08 ماي 1945" وهو أول من رفع دعوى في المحاكم الدولية ضد السفاح موريس بابون.
تحل علينا هذه السنة الذكرى الـ80 لمجازر الثامن ماي 1945 بصفتك رئيسة لجمعية تحمل اسم هذه المجازر، إلى أين وصلت إحصائياتكم لهذه المجازر في ولاية بجاية التي كانت مسرحا دمويا لهذه الأحداث؟
في غياب تفاعل السلطات الفرنسية مع الحكومة الجزائرية بخصوص ملف الذاكرة، وفي ظل التعتيم الكلي وغياب الإحصاء الحقيقي لعدد للشهداء الذي تخفيه عنا فرنسا، فإننا لم نتمكن من رسم عدد إجمالي حقيقي لعدد ضحايا هذه المجازر، وبقينا نكتفي بما تعلمناه عبر دراستنا للتاريخ ولبعض الشهادات الحية لمن عايشوا تلك الأحداث، وبقينا نقول عدد الشهداء يفوق الـ45 ألف شهيد، لكن الحقيقة تبقى مرهونة بمدى جدية السلطات الفرنسية في رفع الغطاء على ملف هذه الأحداث وجعل الشواهد التاريخية في متناولنا بمنحنا الأرشيف.
مجازر الثامن ماي 1945 لا تنحصر فقط في مدينة خراطة لوحدها، إنما رقعة الأحداث كانت أوسع حيث شهدت مناطق كثيرة من بجاية هذه المجازر والتي انطلقت شرارتها من منطقة خراطة ذات الـ08 ماي إلى غاية 27 ماي 1945، ففي مناطق عدة وقعت مجازر مؤلمة بدرقينة وبملبو يوم 22 ماي، أين حصر الشعب الجزائري على شاطئ البحر من أمامه أسلحة جنود الاستعمار الفرنسي بقيادة الجنرال دوفال ومن ورائه سلاح السفن البحرية الفرنسية. هذا الشعب الحافي، العاري جاء إلى ملبو مشيا على الأقدام من خراطة وضواحيها ومن مناطق أخرى للولاية طمعا في نيل الحرية المزعومة: لأن فرنسا كذبت، فخالفت وخدعت ثم قتلت كل الأبرياء من شعبنا الأبي.
هل لجمعية 8 ماي علاقة مع السلطات الفرنسية فيما يتعلق بمسألة الذاكرة، بمعنى هل سبق وأن تدخلتم للمطالبة بملف أو موضوع يخص تاريخ الجزائر؟
ليس للجمعية علاقة مع السلطات الفرنسية لكننا ندعم ونساهم في مسعى دولتنا للحفاظ على الذاكرة التاريخية لهذه الأحداث، حيث لا يمكننا نسيان وطيّ ملف هذه المجازر التي راح ضحيتها الآلاف من الجزائريين والجزائريات. هذه المجازر التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية في حق شعب أعزل وبطريقة بشعة ووحشية خداعية، في وقت كان الجزائريون يتطلعون إلى كسب الحرية وقبلوا المشاركة في مواجهة الألمان مساعدة للجيش الفرنسي على أمل تحرير الوطن. لكن فرنسا بخداعها قتلت أمل الجزائريين وقوضت حريتهم ودمرت ورمت وأحرقت أجسادهم وقراهم وغيرها.
طبعا نحن كجمعية ولائية ووطنية كنا ولا زلنا دائما نسعى إلى مطالبة فرنسا بالاعتراف وبالاعتذار الرسميين على كل جرائمها ببلادنا بداية مما اقترفته في حق الأبرياء من خلال تجاربها للسلاح النووي بصحرائنا الكبرى، مرورا بمجازر الثامن ماي 1945 بخراطة وبملبو وسطيف وقالمة إلى غاية الثورة التحريرية.
في عهدة المرحوم بشير بومعزة كمؤسس ورئيس للجمعية قام بتسمية جدارية في محطة القطار ووضع نصب تذكاري للشهداء بفرنسا باسم 08 ماي 1945 وهو أول من رفع دعوى في المحاكم الدولية ضد السفاح موريس بابون وقد زعزع الحكومة الفرنسية آنذاك، لكن لم يتابع القضية، ربما بعد تنصيبه رئيس مجلس الأمة ثم وزير الاتصال انشغل بأمور أخرى.
كما طالبنا في الذكرى الـ74 لمجازر 08 ماي 1945 بأن تكون الذكرى عيدا وطنيا والاعتراف بشهداء 08 ماي وكنا دائما سباقين في كل المناسبات بتصريحاتنا ومطالبة فرنسا بالاعتذار والاعتراف.
تعود هذه الذكرى اليوم في ظروف خاصة تصبغ العلاقات الجزائرية الفرنسية، بصفتكم جمعية ولائية ووطنية ما هي تطلعاتكم بخصوص ملف المجازر؟
اليوم نحن نطالب دولتنا الجزائر من خلال اتصالاتنا الدورية بوزارة المجاهدين وعلى رأسها السيد وزير المجاهدين شخصيا بالمزيد من الضغط على السلطات الفرنسية لفرض الاعتراف عليها والاعتذار على ما اقترفته من مجازر، ما عرف مثلها التاريخ. على الدولة الجزائرية المحافظة على الذاكرة التاريخية واعتماد هذه المجازر في المناهج التعليمية، حتى يعرف جيل اليوم فظاعة ما ارتكبه المستعمر بالأمس.
إن مجازر 8 ماي 1945، كانت سببا لتفجير الثورة التحريرية المجيدة في 1 نوفمبر 1954 من خلال تأسيس المنظمة السرية في عام 1947، التي أدت إلى تأسيس اللجنة الثورية للوحدة والعمل في بداية 1954 التي مهدت بدورها إلى اجتماع مجموعة الـ22 في المدنية في جوان 1954 وكان للشهيد ديدوش مراد دورا محوريا، ثم اجتماع الـ6 في باب الوادي، وكان للمرحوم محمد بوضياف دورا مهما في ذلك، ومن أهم مخرجات هذا الاجتماع إعلان الثورة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي الغاشم بتاريخ 1 نوفمبر 1954.
إذن مجازر 8 ماي 1945 جعلت الجزائريين يقتنعون أكثر من أي وقت مضى أن ما أخذ بالقوة لا يسترجع إلا بالقوة، لا النضال السياسي ينفع ولا المفاوضات السلمية تجدي. هذه المجازر هي التي مهدت فعلا للثورة، مثلها مثل تاريخ وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962 التي مهدت الاستفتاء واستقلال الجزائر في 5 جويلية 1962.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال