الوطن

الإمارات تصر على الخطيئة

بعدما ثبت تورط شبكات مرتبطة بالمخزن بالتنسيق المباشر في تهريب كميات قياسية من السموم نحو الجزائر، دخلت أطراف إماراتية على الخط.

  • 85517
  • 2:01 دقيقة
كمية مهولة من المهلوسات والمخدرات التي تم اتلافها مؤخرا، الصورة: وزارة الدفاع الوطني.
كمية مهولة من المهلوسات والمخدرات التي تم اتلافها مؤخرا، الصورة: وزارة الدفاع الوطني.

تواصل الإمارات والمغرب، وفق ما تكشفه تحقيقات أمنية، حربهما الهجينة ضد الجزائر عبر محاولات إغراق البلاد بالمخدرات والمؤثرات العقلية والعملات المزيفة، في سياق يندرج ضمن ما يسميه الخبراء استراتيجية الاستهداف غير المباشر عبر تهديد النسيج الاجتماعي وضرب الاستقرار الاقتصادي.

بعدما ثبت تورط شبكات مرتبطة بالمخزن بالتنسيق المباشر في تهريب كميات قياسية من السموم نحو الجزائر، دخلت أطراف إماراتية على الخط، مسرّعة عمليات إدخال عملات مزيفة وكميات معتبرة من المخدرات الصلبة، في محاولة مزدوجة لتدمير الجيل الصاعد وإحداث ارتباك في الدورة الاقتصادية الوطنية التي بدأت تستعيد عافيتها.

هذا السياق الخطير هو ما أشار إليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، عندما تحدث عن الحروب الهجينة وحروب الجيل الخامس التي لم تعد تعتمد على المواجهة المباشرة، بل على استهداف المجتمعات من الداخل عبر التكنولوجيا والشبكات الإجرامية والاختراق الاقتصادي.

وقد أكد الرئيس تبون في كلمة له ألقاها أمام قيادات الجيش الوطني الشعبي، بتاريخ العاشر من أكتوبر الماضي الذي تكيّف مع طبيعة هذه التهديدات الحديثة، تحول إلى مدرسة عليا للوطنية والدفاع الشرس عن حرمة التراب الوطني، مشددا على أن الأمن والاستقرار اللذين تنعم بهما الجزائر هما ركيزة أساسية لجاذبية الاستثمار ولنمو الاقتصاد الوطني.

ولا ينفصل هذا التحذير عن الواقع الميداني، إذ كشفت الأجهزة الأمنية المختصة، في أحدث تحرياتها، عن نشاط إجرامي خطير موازٍ لتهريب المخدرات والمهلوسات، يقوم على إدخال العملة الوطنية المزيفة في مسارات التوزيع التجاري داخل عدة ولايات، بهدف زعزعة السوق وضرب الثقة المالية، وهي خطوة لا تقل خطورة عن تهريب السموم التي تستهدف شباب الجزائر.

هذا التطور دفع الحكومة إلى تشديد الترسانة القانونية لمواجهة بارونات المخدرات والتهريب، وتعزيز التنسيق بين مختلف المصالح الأمنية والاستخباراتية، بعدما تأكد بالملموس أن استهداف الجزائر لم يعد مقتصراً على الحدود الغربية، بل أصبح جزءا من حرب مركبة تشترك فيها أطراف معادية تسعى إلى تقويض صعود الجزائر كقوة سياسية واقتصادية إقليمية.

وتناغم خطاب رئيس الجمهورية مع ما أكده الفريق أول السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الذي شدّد على أن الخيارات الاستراتيجية التي تبنتها الدولة بقيادة الرئيس تبون تهدف إلى تكريس منطق الدولة الرائدة والاقتصاد الناشئ والجيش القوي وتمتين الجبهة الداخلية.

وأضاف أن التجارب أثبتت أن الدول التي تعتمد على قدراتها الذاتية أقدر على مواجهة التهديدات الخارجية، لأن التحام الشعب مع قيادته ومؤسساته يمثل حجر الزاوية في تحقيق الأمن الوطني والاستقرار النسقي للدولة.

ويتضح من خلال هذه التطورات الخطيرة، أن الجزائر مقبلة على مرحلة حاسمة في مواجهة حرب ناعمة وقذرة في آن واحد، تستخدم فيها المخدرات والعملة المزيفة والمشفرّة، والتضليل الإعلامي وشبكات المصالح الخارجية، كسلاح لإضعاف المجتمع وضرب مساره الاقتصادي. لكنّ الردّ ـ كما تظهره الإجراءات الأمنية وتوجيهات القيادة العليا ـ سيكون بمستوى التحدي، عبر يقظة مؤسسات الدولة وتماسك الجبهة الداخلية.