قال مدير المخابرات الخارجية الفرنسية، نيكولا لرنر، إن القنوات مع مصالح المخابرات الجزائرية "مفتوحة"، مشيرا إلى أنه يدير "علاقات وتبادلات مع نظرائي الجزائريين"، وهو "أمر مهم جدا، في ظل السياق الخاص الذي تشهده العلاقات بين البلدين"، في إشارة إلى الأزمة "غير المسبوقة" القائمة منذ قرابة العام، وبلغت مستوى طرد دبلوماسيين من الطرفين.
وأضاف لرنر في معرض رده على سؤال ضمن حوار مع قناة "أل.سي.إي"، جرى يوم الثلاثاء الماضي، حول ما إذا يشمل هذا التبادل مسألة الإرهاب والتطرف العنيف، إن القنوات بين مصالح الاستخبارات بين البلدين تبقى مفتوحة، حتى في حالات تدهور أو انسداد أو انسداد حاد.
وفي حالة الجزائر، أفاد المسؤول الأمني: "هناك تبادل معلومات وتنسيق أمني بخصوص التهديدات التي تستهدف بلدينا، ونحرص على أن يستمر هذا التعاون".
ولم يخض مضمون الحوار في الأزمة بين الجزائر وباريس وتبعاتها وارتداداتها على مختلف الأصعدة بين البلدين، خاصة الأمنية وتلك المتعلقة بالهجرة وغيرها، وجمع المعطيات واستشراف الأحداث ومسار الأزمة وحلولها، غير أن طبيعة المفردات التي وظفها مسؤول المخابرات الخارجية الفرنسية خلال تعاطيه مع موضوع العلاقات الأمنية مع الجزائر وطبيعتها، عكست أن الأزمة الدبلوماسية والسياسية العميقة التي تضرب العلاقات بين البلدين، لم تصل الى "القطيعة الاستخباراتية".
كما تعكس تصريحات لرنر، بشكل غير مباشر، أن موقع الجزائر في المعادلة الأمنية لا يمكن الاستغناء عنه أو تجاهله، عملياتيا ومعلوماتيا.
وبمتابعة بقية الحوار، يتبين أن المصالح الفرنسية لا تتردد ولا تخجل من الاعتراف بأن نشاطها الاستخباراتي يضم بشكل أساسي رصد واستهداف الأفراد في كل المستويات من أجل إمكانية دفعهم لخيانة بلدهم أو مؤسساتهم لحساب فرنسا، من منطلق مبدأ "كل شيء قابل للاختراق"، وهو مؤشر على أن النشاط عديم الأخلاق في تعاملاته ويعتبر أن كل فرد يصادفه، مشروع خائن وقابل لاستدراجه ليخون بلده حتى دون رغبته ووعيه.
وفي نفس السياق، تتعامل المصالح الاستخباراتية الخارجية الفرنسية مع التصفيات الجسدية في أراض أجنبية بحجة المساس بالأمن القومي (مصطلح عام)، على أنها "مكرسة قانونا".
كما يتضح في معرض الحوار، أن الاستخبارات الخارجية الفرنسية، التي توظف بشكل مباشر 7000 عنصر، وفق المتحدث، فضلا عن العناصر الموظفة بشكل غير مباشر، تضع في مركز اهتمامها "بروفيلاج" الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والدائرة الإيديولوجية المحيطة به، وسلوكاته وخطاباته، من أجل دراسة واستشراف القرارات التي يتخذها وتفاعلاته المحتملة مع الأحداث.
وتحدث المسؤول الاستخباراتي الفرنسي، عن وجود فرضيات واحتمالات لتدخل روسيا في الشأن الفرنسي، مشيرا إلى أن المعطيات التي بحوزتهم تؤكد أن الكرملين يطور أدوات وتصورات على صعيد استخباراتي وسيبرياني وسياسي، معترفا بصعوبة وشبه استحالة اختراق الأنظمة الشرقية كروسيا وكوريا الشمالية وغيرهما من الأنظمة المغلقة، على حد وصفه.
وعزف لرنر، في عرضه واستعراضه لأبجديات ومقومات النشاط الاستخباراتي الفرنسي، على استمالة الشباب أو الذين لديهم ميولات لأن ينخرطوا أو يتولوا هذه المهام، خصوصا وأن هذه الصفات تجد لها حيزا كبيرا في مخيال المراهقين والشباب الطامح، خاصة خرّيجي الجامعات حديثا.

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال