"الثورة المضادة في الجزائر يمكنها أن تتخذ 3 أشكال"

38serv

+ -

يفكك الدكتور حواس تقية، الباحث في مركز الجزيرة للدراسات بقطر، علاقة المؤسسة العسكرية تاريخيا بالرئاسة في الجزائر وإسقاطات ذلك على الحراك الحالي في ظل المخاوف من استحواذ المؤسسة العسكرية على القرار في تسيير المرحلة الانتقالية. ويوضح تقية أن ثمة 3 أشكال للثورة المضادة ينبغي التنبه لها، من أبرزها التفاف أحزاب الموالاة على قيادة الجيش من أجل البحث عن عذرية جديدة للعودة إلى الساحة.هل الحل الدستوري عبر تطبيق المادة 102 يمكنه أن يحقق مطالب المتظاهرين؟المادة 102 متعددة الأوجه وتحتاج إلى تفصيل لأن رهاناتها السياسية مرتفعة للغاية.هذه المادة تحقق مطلبا جزئيا وهو رحيل الرئيس بوتفليقة، لكنها في المقابل تحافظ على باقي أركان النظام لأنها تجعل الشخصيات والمؤسسات التي استند إليها بوتفليقة في حكمه هي التي تشرف على المراحل السياسية التالية وهذا يخالف مطلب الحراك الذي يصر على رحيل النظام كله، أي الشخصيات التي كانت تتخذ القرارات المؤثرة في حياة الجزائريين، لذلك تبدو هذه المادة وكأنها تأخذ باليد اليمنى ما تعطيه للجزائريين باليد اليسرى.وهي مادة خطرة إذا أصر المستفيدون منها أن يتمترسوا خلفها للبقاء في السلطة، لأنها تعطيهم مشروعية دستورية تمكنهم من اتهام المطالبين برحيلهم بأنهم يريدون إحداث فراغ دستوري يدفع البلاد إلى المجهول أي يلوحون بالفوضى.ثم هي مادة لا تحل مشكلة المؤسسات الضرورية المنصوص عليها دستوريا. وهنا نقصد مؤسستين، لا يوجد وزير للدفاع لأن بوتفليقة رحل من غير تعيين وزير يخلفه في المنصب، ولا توجد هيئة تشرف على الانتخابات لأن بوتفليقة كذلك رحل دون أن يشكل هيئة تخلف الهيئة التي حلها. لا يمكن أن نجد حلال للمشكلتين في الدستور لأن المادة 104 تمنع رئيس الدولة الذي يخلف بوتفليقة من اتخاذ أي قرار بهذا الخصوص. لو بقينا في إطار الدستور الحالي لن نتمكن من تشكيل الهيئة المستقلة التي تشرف على الانتخابات، مع أنها هيئة منصوص عليها في الدستور، لذلك سنضطر من الناحية العملية لإيجاد صيغة خارج الدستور لإكماله أو لملء هذه الثغرات.إذا خرجنا من إطار الدستور لحل مشكلة الهيئة المشرفة على الانتخابات فما المانع من أن نخرج في جوانب أخرى تعبر عن روح الدستور، وهي اعتبار الشعب صاحب السيادة. والكل يعترف حاليا بأن الحراك هو الشعب، حتى قائد الأركان طابق بين الحراك والشعب واستند على ذلك لإعطاء شرعية لمطالبته بوتفليقة بالتنحي الفوري من منصب رئيس الجمهورية.

هناك مخاوف من تغول المؤسسة العسكرية في المرحلة المقبلة بعد أن أصبحت أهم فاعل في الساحة.. هل هذه المخاوف مبررة؟بالطبع المخاوف حقيقية، لأن هناك تضاربا في المصالح على مستويين على الأقل.ارتبطت مصالح قائد الأركان ڤايد صالح بنظام الحكم في عهد الرئيس بوتفليقة، رقاه بوتفليقة إلى قائد أركان في 2004 ثم نائب وزير دفاع في 2015، لذلك ظل يدعم بوتفليقة حتى في ترشحه للعهدة الخامسة. في المقابل، الحراك متضرر من هذا النظام ويطالب برحيله. ولا يمكن أن يلبي ڤايد صالح مطلب رحيل النظام لأنه جزء منه، بل قد يقبل بالتخلي عن أجزاء من النظام قد لا تكون أساسية للحفاظ على مراكز النظام الأساسية، علاوة على أن دولة القانون التي يطالب بها الحراك ستحيل ڤايد مباشرة على التقاعد لأنه تجاوز السن التي يحددها القانون العسكري للبقاء في الخدمة.أما بخصوص المؤسسة العسكرية فإنها استأثرت تاريخيا بالمؤسسة الرئاسية، ثلاثة من رؤساء الجزائر وهم بومدين والشاذلي وزروال كانوا وزراء دفاع، وأما بوتفليقة الرئيس الرابع فعينته قيادة الجيش، وقد حصلت على هذا الدور لأن الانقسامات داخل الطبقة السياسة الجزائرية تجعل بعض أجنحتها يستقوي بقيادة الجيش على الأجنحة الأخرى، استقوى بن بلة ببومدين للتغلب على الحكومة المؤقتة ومنافسيه، وبوضياف وآيت أحمد، لكن في النهاية أزاحت قيادة الجيش الجميع وتولت السلطة. لذلك ليس من المستغرب أن تتعود قيادة الجيش على القيام بأدوار مهمة في الحياة السياسية، لأن النخبة السياسية عودتها على ذلك. ومادامت النخبة السياسية متصدعة ولا تتوافق على رفض الاستعانة بقيادة الجيش في التنافس السياسي، فإنها ستقع في نفس الوهم الذي وقع فيه بن بلة الذي اعتقد أن قيادة الجيش ستسلمه السلطة ثم تعود إلى ثكناتها. هذا الميراث رسخ في ثقافة قيادة الجيش أنها ضرورية وأن الطبقة السياسية عاجزة بمفردها عن تسوية خلافاتها وقيادة البلاد.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات