الأستاذ توفيق هديمي.. منصب واحد ومسؤوليات مُتعددة!

38serv

+ -

 “بدل أن يُكرم أُهين”، هو عنوان مسيرة الأستاذ توفيق دهيمي الذي اضطر بعد سنوات طِوال من الخدمة في قطاع التربية لأن يعتكف في منزله العائلي خوفا من أن يُهدم على أبنائه. كان الأستاذ والمدير والحارس وحتى الطباخ لتلاميذ ابتدائية “الرمامن” بالداموس التي تقع أقصى غرب ولاية تيبازة، اشتغل فيها خلال سنوات عصيبة، رافعا شعارا واحدا: “حتى تلاميذ الريف من حقهم أن يدرسوا”.بحرقة قلب ممزوجة بالحسرة والتحدي، يكشف الأستاذ توفيق هديمي تفاصيل مسيرته المهنية التي لم تجد للأسف من يُقدرها، ليجد نفسه في الأخير مُضطرا لمواصلة النضال من أجل توفير ظروف العيش الكريم لعائلته، وهو الذي لم يدخر جهدا في أن يقدم لوطنه الجزائر ما يمليه عليه ضميره كمربٍ، متحديا ويلات الإرهاب والبعد عن الأهل لسنوات طويلة في سبيل أن يرقى أبناء المنطقة بالعلم والمعرفة.المنصب واحد والمسؤوليات متعددةبداية المغامرة كانت مع إنهائه فترة الخدمة الوطنية سنة 1999، حيث التحق بمدرسة “الرمامن” بدوار “خليليج” ببلدية “الداموس” كمعلم متعاقد لـ4 سنوات، حاملا معه شهادة دراسات جامعية تطبيقية من جامعة بومرداس تخصص آليات، قبل أن تتم إجراءات ترسيمه كأستاذ، ويُكلف بداية من سنة 2006 بالتسيير الإداري للمدرسة، ما جعله يشرف على عدة مهام، من التدريس إلى مكتب التسيير الإداري والبيداغوجي وحراسة المؤسسة التربوية وكذا صيانة وسائلها وحتى القيام بمهام الطبخ لستين تلميذا. كل ذلك لم يثن من عزيمته، بل لم يدخر الرجل جهدا في نقل قارورات غاز البوتان للمدرسة بسيارته الخاصة من أجل ضمان وجبات دافئة للتلاميذ.مشروع “السد”.. وتستمر المغامرةاضطر الأستاذ توفيق بعد زواجه من زميلة في المهنة سنة 2004 إلى التنقل للسكن بين بيت وآخر، وهو ما حمله على نقل عائلته إلى المدرسة، حيث أقام بمسكن وظيفي متحديا العزلة، وكان كل شيء يبدو عاديا إلى أن أطلق مشروع “سد كاف الدير” حيث قررت السلطات ترحيل كل السكان وغلق المدرسة، ليجد نفسه وعائلته في الشارع، إذ رحل الجميع ما عدا المدير الذي لم يجد مسكنا ولم يُدرج اسمه في قائمة المرحلين، وقطعت عنه الماء والكهرباء وسط غبار الآليات وصوتها الذي ذهب بصحة ابنته. ومع أن وزير الموارد المائية سنة 2012 عبد المالك سلال أوصى بترحيله أمام مرأى الجميع خلال زيارته لمشروع السد، إلا أن مصير توفيق لايزال مجهولا.هل من منقذ؟ما حز في نفس الأستاذ توفيق الذي ينتظر تعيينه بمدرسة أخرى بعد غلق مدرسته، تنكر المسؤولين وسط التهديدات بهدم المسكن الذي يقع في قلب مشروع السد دون أن يستفيد من مسكن، بعد أن تحولت حياته من العيش وسط التلاميذ إلى التخفيف من ألم أبنائه الذين أحكم الخوف قبضته عليهم.. في انتظار الفرج.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: