ربورتاجات

انطباعات عائد من "بينالي الفنون الإسلامية" بمدينة جدة السعودية

اختيار صالة الحجاج الغربية في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، لم يكن اعتباطيا، إلى جانب كون الصالة تعد تحفة فنية، فهي أيضا تمثل حلقة وصل تستقبل الملايين من زوار بيت الله.

  • 260
  • 10:43 دقيقة
الصورة: ح. م
الصورة: ح. م

جدة: مبعوث "الخبر" رضا شنوف

بصالة الحجاج الغربية في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، بالمملكة العربية السعودية، وعلى مساحة 100 ألف متر، مربع تقام الطبعة الثانية من "بينالي الفنون الإسلامية" تحت شعار "وما بينهما"، الذي يمتد على مدار خمسة أشهر، فضاء تعرض فيه كنوز تاريخية فنية وعلمية، طبعت الحقب الإسلامية المتلاحقة، وإبداعات الفن المعاصر، في توليفة فريدة من نوعها تكشف عما قدمته الحضارة الإسلامية من ثراء إنساني، في عالم يسعى لأن يكتشف إنسانيته من جديد. 

اختيار صالة الحجاج الغربية في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، لم يكن اعتباطيا، إلى جانب كون الصالة تعد تحفة فنية، فهي أيضا تمثل حلقة وصل تستقبل الملايين من زوار بيت الله من كل حدب وصوب وما تمثله البقاع المقدسة من رمزية وقدسية ومنبع روحاني لزوار بيت الله، ونقطة البداية لمرحلة مشرقة من تاريخ البشرية، حيث شهدت مولد رسول الإسلام والسلام، وملهم الحضارة الإسلامية الروحية والمادية التي لم يشهد لها الإنسان مثيلا من قبل.

ويحمل "بينالي" الدرعية للفنون الإسلامية في طبعته الحالية شعار "وما بينهما"، وهو شعار مقتبس من الآية القرآنية الكريمة "وما بينهما"، التي وردت في عدة مواضع في القرآن الكريم كقوله تعالى: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَٰوَٰتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾، عن عظمة خلق الله كما يدركها الإنسان ويستشعرها، حسب القيمين على البنالي "عبر خمس صالات عرض تحتضن أكثر من 500 قطعة أثرية وأعمالا فنية معاصرة، تستكشف في بينالي الفنون الإسلامية 2025 سعي الإنسان لفهم جمال وروعة ما أبدعه الخالق".

كل هذه المعاني مجتمعة يحاول أن يقدمه "بينالي" الدرعية للفنون الإسلامية، ويعيد بعثه من الصالة الغربية لمطار جدة التي تحلق غير بعيد عنها طائرات نحو العالم، أو كما حاول أن يعبر عنه القيمون على البينالي وكل من كانت له يد في إقامة وإدارة وإنجاح هذه الطبعة، التي برز فيها الشباب السعودي، إدارة وتأطيرا وتنفيذا، الذي أصبح يشكل الوجه والواجهة الجديدة للسعودية.

الكنوز التاريخية التي تمت مشاركتها مع جمهور بينالي، تم توزيعها على خمس صالات عرض، وهي البداية والمدار والمقتني والمظلة والمنور والمكرمة والمصلى، كل قسم عامر بكنوز تاريخية وأعمال فنية حديثة، وكلها التقت عند نقطة واحدة تمثلت في ذلك التزاوج بين كل ما هو روحي ووجداني والعقل، حيث يتجلى حضور الرقم في العلم والعبادة والروح، هذا التزاوج كان وراء تشييد أحد أعظم الحضارات التي عرفتها الإنسانية، الحضارة الإسلامية، وهو ما يحاول بينالي الدرعية للفنون الإسلامية إظهاره من خلال المقتنيات والتحف والآثار المقدسة.

من البداية إلى المظلة.. عظمة الخالق وتدبر المخلوق

يعتبر "بينالي" الفنون الإسلامية أكبر معرض عالمي للفنون الإسلامية، تنظمه المملكة العربية السعودية بالنظر إلى عدد المؤسسات المشاركة فيه وعدد الفنانين، وأيضا، والأهم من كل ذلك، قيمة المعروضات التي شكلت الاستثناء من حيث قيمتها الفنية والتاريخية والعلمية والقدسية؛ بأن تجتمع في مكان واحد على مدار خمسة أشهر بمطار جدة وما يحمل من قيمة في نفوس زوار بيت الله، وأيضا منفذا من أرض المملكة وما تمثله نحو مختلف أصقاع العالم.

وبحسب القيّمين على البينالي؛ فإن النسخة الثانية تعرض "عدداً أكبر من الأعمال الفنية المعاصرة، في ظل مشاركات أوسع من المؤسسات"، ليؤكد عبر هذا التوسع "على مكانته كمنصة مركزية عالمية للفنون الإسلامية، إذ يجمع أعمالاً مُعارة من أبرز المؤسسات العالمية المتخصصة في الفنون الإسلامية".

وتعرض مقتنيات وكنوز تاريخية من تونس إلى طشقند، ومن تمبكتو بمالي إلى جوغجاكارتا بإندونيسيا، لـ "تفتح مشاركة هذه الشبكة العالمية من المؤسسات آفاقاً واسعة للفنون الإسلامية، تجمع بين الماضي والحاضر، وتفتح قنوات جديدة للحوار والتعاون".

تتضمن الأعمال المُعارة تحفاً أثرية وقطعاً تاريخية ومقتنيات إسلامية ثمينة، وأعمالاً فنية من مؤسسات كبرى، مثل متحف اللوفر (باريس)، ومتحف فيكتوريا وألبرت (لندن)، بالإضافة إلى مجموعات متخصصة في الفنون والثقافات الإسلامية قادمة من معهد أحمد بابا للدراسات العليا والبحوث الإسلامية (تمبكتو)، ومتحف الفن الإسلامي (الدوحة)، والمعهد التركي للمخطوطات (إسطنبول).

كما يجمع البينالي مؤسسات بارزة من جميع أنحاء المملكة العربية السعودية، وهي مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي – إثراء (الظهران)، ومجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية (المدينة المنورة)، ومكتبة الملك فهد الوطنية (الرياض).

في تقديمه للبينالي، يقول الدكتور جوليان رابي، الباحث المتميز والمحاضر السابق في مجال العمارة والفن الإسلامي في جامعة أكسفورد، والمدير السابق للمتحف الوطني للفن الآسيوي في مؤسسة "سميثسونيا": "يطرح هذا الحدث الفني من خلال بعديه الفكري والفلسفي وفي تقاطعاته المادية والروحية"، ويضيف شارحا "البينالي يتفكر في خلق الله، وما بين السماء والأرض، ويتم في عدة أقسام، هذه الأقسام تتمثل في القلب والعقل وكيفية تناولنا لخلق الله في وجداننا".

«البداية".. رحلة في عوالم المقدسات الإسلامية

في القسم الأول والمسمى "البداية"، الذي يشرف عليه الدكتور رابي، يقول فيما يخصه بأنه يحتوي على "قطع فنية بالغة القدسية من الحرمين الشريفين.. وبالإضافة إلى "البداية"؛ هناك قسمان مكرسان لمكة المكرمة والمدينة المنورة". ففي هذه الأقسام، يقول المتحدث "توجد قطع تحمل قدسية، بالإضافة إلى أعمال فنية المعاصرة". وحسبه، "هنا الدعوة ليس فقط للتأمل، وإنما الدعوة للتفكر في الأبعاد الروحية".

يعتبر جناح "البداية" في بينالي الدرعية للفنون الإسلامية أحد أهم الأجنحة في المعرض، ويحمل اسمه من حيث أنه الجناح الذي يبدأ من بوابته المعرض للانتقال إلى باقي الأجنحة، كما أنه يتشرف باستضافة أرجائه رموز البداية للحضارة الإسلامية والرسالة المحمدية، ألا وهما نسخ المصحف الشريف ومقتنيات من الكعبة المقدسة، أقدس بقعة على وجه الأرض، التي تختزن تاريخ الإسلام بصوره العظيمة، وقبلة المسلمين في صلواتهم، ومهوى أفئدتهم، والمكان الذي يجمع المسلمين بمختلف أعراقهم ولغاتهم.

يمنح جناح "البداية" للزوار تذكرة رحلة روحية بين معروضات تشكل قدسية خاصة بالنسبة للمسلمين، حيث عرضت به ولأول مرة خارج مكة المكرمة كسوة الكعبة المشرفة لسنة 2023-2024، وهي فرصة للمرور بين قطع كسوة الكعبة المشرفة والتأمل فيها في تجربة روحية وتأملية فريدة تتاح فقط لزوار بينالي.

كما يتاح للزوار مشاهدة مقتنيات نادرة من المصاحف الشريفة المُعارة من مجمع الملك عبد العزيز للمكتبات الوقفية، إذ تعرض أقدم نسخة للقرآن الكريم تعود إلى القرن الثالث هجري، حسب ما أشارت إليه الفنانة والكاتبة السعودية سارة العبدلي، بالإضافة إلى الكثير من المقتنيات النادرة المرتبطة بمقدسات المسلمين، التي اقترنت على مدى قرون من الزمان بالجانب الروحي الذي يبقى عالقا في فؤاد ملايين من زوار بيت الله الحرام، وهي تجربة تنقلنا من خلالها أشياء مادية إلى عالم لامادي مفعم بالإيمان ويدفعنا للتأمل والتفكر في رحلة استثنائية تجمع بين ما هو فكري وروحي ومادي.

وإلى جانب جناح "البداية"، خصص القائمون على "بينالي الدرعية للفنون الإسلامية" جناحين آخرين وهما "المكرمة" (مكة) و"المنورة" (المدينة). في جناح المظلة يعرض بهما تحف نادرة من المدينتين المقدستين، حيث يعكسان مركزية وعالمية مكة المكرمة والإشعاع الثقافي والروحي للمدينة المنورة، من خلال عرض مقتنيات تاريخية ذات صلة بالكعبة المشرفة، ومنسوجات مطرزة بالذهب وصور فوتوغرافية، وأفلام نادرة تؤرخ لمشاهد زيارات الحجيج والمعتمرين إلى مكة المكرمة خلال القرنين الماضيين، بالإضافة إلى أعمال فنية معاصرة جعلت من الجناحين فضاء للحوار بين الماضي والحاضر.

"المدار" و"المقتني".. أو العلاقة بين والروح الأرقام

يضم جناحي "المدار" و"المقتني" تحفا وآثارا وأعمالا نادرة تجتمع لأول مرة في فضاء واحد، تلخص العلاقة الأزلية بين الأرقام والجانب الروحي التي شكلت منبت أحد أعظم الحضارات في التاريخ الإنساني وأول فضاء للحوار والتفاعل بين الحضارات التي شكلت قاعدة للتطور العلمي الحديث.

تجد في الجناحين معروضات ومقتنيات قادمة من أكثر من 20 دولة، تعتبر جسرا ما بين ما هو روحي وما هو عقلي، بين الجانب غير المادي في الإنسان وعلاقته بالأرقام، ويبرز كيف استعملت الأرقام في فهم الخالق.

يقول عبد الرحمان عزام، المشرف على جناح "المدار"، وهو المدير الفني في "بينالي الفنون الإسلامية 2025"، عن الجناحين "المدار" و"المقتني"، بأن زيارة الجناحين تمكن لـ "رحلة مذهلة بين 34 مؤسسة عالمية من عدة أماكن عبر العالم، مثل متحف اللوفر وأكسفورد، التي تضيء هذا المعرض بالمعروضات والمقتنيات"، مضيفا "هذا القسم يحتوي على 264 قطعة فنية نادرة، تحكي قصة الأرقام وعلاقة الإنسان والثقافة الإسلامية بالأرقام". وأوضح بأن هناك قطع إسطرلابات، خرائط ومخططات وقطع فنية مثل الأدوات الموسيقية، كلها تعبر عن أهمية رمزية الرقم في الثقافة والفنون الإسلامية بشكل عام في ذلك العهد، كما أن الأرقام تعبر عن علاقة الإنسان بالكون"، وختم قائلا: "إنها دعوة للتفكير ودعوة للاستمتاع وأيضا للتأمل".

فمثلا بـ "المدار"؛ ستقف عند كتاب العلامة الخوارزمي "الجبر والمقابلة"، الذي يتناول كيفية حل المعادلات الخطية والتربيعية دون الاعتماد على الصيغ الحديثة التي تعتمد على الرمزين "س" و"ص"، وهو أول من نقل "الصفر" من الهند، الذي لم يكن يعني شيئا، وكان له الفضل في أن يعطيه قيمته ويجعله عددا مضاعفا للعشرة، ويعرض بجانبه ترجمات كتب الخوارزمي إلى اللغة اللاتينية التي أدخلت الجبر والصفر إلى هذه اللغات، فأصبحت تدرس بالجامعات الأوروبية.

كما يعرض بـ "المدار" أقدم إسطرلاب مؤرخ صنعه العالم ناستولوس ببغداد، مؤرخ في سنة 315 هجري / ما بين 927 و928 ميلادي، تابع لمجموعة الصباح، دار الآثار الإسلامية بالكويت.

وعرض لأول مرة جنبا إلى جنب خريطتان تظهران مجرى نهري الدجلة والفرات ونهر النيل، وتبين المناطق المحيطة بهما. وإلى جانب هذه التحف، عرضت أعمال فنية معاصرة بتكليف من مؤسسة "بينالي الدرعية"، تبرز أيضا طبيعة الأرقام ودورها في الفنون والثقافات الإسلامية.

كما تبرز تلك العلاقة الراسخة بين العلم والدين، وكيف شكل هذا التكامل رافدا لما استطاع أن ينجزه رواد الحضارة الإسلامية، التي تبقى آثارهم مخلدة إلى اليوم، وما يعرضه معرض "بينالي" من كنوز، هي شاهدة على ذلك وعلى الجانب الجمالي الطاغي على كل مظاهر الحياة اليومية في تلك الحقب التاريخية.

هذا الجانب الجمالي يظهر بشكل أكبر في جناح "المقتني"، الذي يقدم للجمهور مقتنيات تضم أعمالا فنية استثنائية تبرز للزائر ذلك البعد الجمالي الراقي الذي ميز الجانب المادي للحضارة الإسلامية، بفضل الأعمال الفنية الإسلامية المعروضة من قبل مجموعة الشيخ حمد بن عبد الله آل ثاني "مجموعة آل ثاني"، والأستاذ رفعت شيخ الأرض "مجموعة الفروسية".

المتجول في أرجاء المقتني وبين معروضات "المقتني" يستمتع بصره بمصنوعات ثمينة عالية الإتقان تكشف براعة الفنانين وإتقانهم وفنهم راقي، كما تبرز الإضافة القيمة التي يقدمها جامعو الفنون الإسلامية في سبيل استكشاف المستوى الراقي الذي لامسته الثقافة البصرية والمادية الإسلامية. فستجد، مثلا، تمثالا مذهب الإبريق الطاووس الذي كان يزين نافورة عظيمة بمدينة الزهراء قرب قرطبة في العصور الوسطى، أو يسحرك بريق ماسة "بروليت الهند" الاستثنائي، وهي جوهرة نادرة تخلو من العيوب والشوائب جعل منها من أبهى الأحجار الكريمة، كما يلفت النقش على "قناع الشهادة" الحربي بطريقة تصميمه وإتقانه.

"المظلة".. رحلة في التاريخ نحو المستقبل

اختار القائمون على "بينالي الفنون الإسلامية" أن يخصصوا مساحة خارجية تحت سقف مظلات المطار لعشرين عملا فنيا بتيمات مختلفة، لكنها تلتقي حول فضاء الحديقة وحضورها في الحضارة والثقافة الإسلامية بكل ما تشمله من عناصر مادية ومعنوية وروحية.

ويتحدث القيّم الفني لأعمال الفن المعاصر، الفنان السعودي مهند شونو، عن هذا البينالي بالقول "الأمر الذي يميز هذا البينالي عن أي حدث يماثله، هو العلاقة والحوار بين الماضي والفنون المعاصرة"، فالفنون المعاصرة، حسبه، "هي حلقة الوصل بين الماضي والتاريخ، وهي تضم ما بين الحاضر وتنظر إلى المستقبل؛ فدور الفنون المعاصرة في هذا البينالي يعطيه طابعها مميزا وفريدا".

وعالجت الأعمال الفنية في هذا القسم الكثير من "التيمات" التي تحاكي العلاقة بين كل ما هو مادي وروحي، عبر أعمال فنية معاصرة التي تفتح الباب أمام التفكر والتدبر في هذه العلاقة الفريدة التي تجمع بين الإنسان والخالق والفضاء الذي يعيش فيه.

وأبدع الفنان الباكستاني عمر قرشي في عمله "درب زبيدة"، الذي أخذ مكانه بين جناحي "المنورة" و"المكرمة"، ويحاكي العمل تجربة زيارة زبيدة زوجة هارون الرشيد لأداء فريضة الحج من الكوفة إلى مكة، وما واجهته من صعوبات، فأنشأت مكانا للراحة للحجاج، أو عمل الفنانة السعودية فاطمة عبد الهادي بعنوان "جعلك من الجنة"، واستلهمت الفنانة العمل من مقولة والدتها "الريحان من ريحة الجنة"، حيث كانت تقطف الريحان من الحديقة وتضعه في المجلس كشكل من أشكال التواصل مع الميت.

ومن بين الأعمال التي جلبت الانتباه، إبداع الفنانة آلاء يونس من خلال عملها "أزهار القطف"، التي تروي قصة أزهار القطف التي أبيدت زراعتها بغزة بسبب الاحتلال، التي كانت رائجة في سوق الأزهار الدولية.

ففي قلب جناح "المظلة" تتواجد مشتلة أزهار، مغطاة بألواح بلاستيكية نصف شفافة تظهر أزهارا بألوان مختلفة، حمراء وصفراء وبيضاء، يقود الفضول للتعرف عن سر هذه المشتلة وأي رسالة لصاحب العمل الفني الذي يحمل عنوان "أزهار القطف".

"الخبر" التقت بالفنانة آلاء يونس وسألتها عن عملها والفكرة التي تدور حولها، حيث صرحت قائلة بأنها "صادفت سلسلة من الصور الصحفية نُشرت في 14 يناير 2004، وهي التي ألهمت بحثي"، وأردفت "التقط هذه الصور مصور صحفي من غزة اسمه عبد الخطيب، وظهر في الصور فتيان فلسطينيون صعدوا على متن "باص" حجاج عالقين على معبر رفح على طريقهم إلى مصر ومنها إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج"، مشيرة إلى أن الفتيان قدموا زهور القرنفل الوردية والحمراء والبيضاء الذين ابتهجوا بالهدية.

تقول الفنانة "فكرت أنه إذا استغرقت رحلة الحجيج سبعة أيام للوصول إلى جدة ومن ثم إلى مكة، فمن المحتمل أن بعض هذه القرنفلات وصلت إلى صالة الحجاج في جدة، حيث يعرض عملي "زهور قطف" اليوم ضمن بينالي الفنون الإسلامية".

ومن أجل ذلك، تقول المتحدثة "فكرت أن تكون مشاركتي في النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية، ببناء مشتل مجهز بـ 1500 زهرة.. وحتى نتحدى ذبول الزهور، فكرنا في زراعة زهور حقيقية ومراعاتها بالسقاية والجو المناسب، لعلها تنمو وتنجح في كونها تجربة مشتل زهور قطف هدية وهداية من قصة زهور غزة".

يشار إلى أن زراعة زهور القطف كانت رائجة في قطاع غزة في التسعينيات من القرن الماضي، وبدأت مزارع في شمال غزة في منطقة بيت لاهيا بزراعة 50000 متر مربع من الأراضي، وبدعم من قطاع الزهور الهولندي. نجحت التجربة في تحقيق أرباح من إرسال الزهور إلى الأسواق الأوروبية عبر مزادات الزهور الهولندية، غير أن هذه الزراعة تأثرت بفعل الاحتلال الإسرائيلي وبسببه اختفت هذه الأزهار القادمة من غزة من السوق الدولي.

لقد وضع معرض "بينالي للفنون الإسلامي" لنفسه مكانا في خريطة المعارض الفنية العالمية؛ بالنظر إلى القيمة الفنية للمعروضات والتحف النادرة التي أبدع فيها فنانون منذ عصور قديمة، إلى جانب أعمال فنانين معاصرين، تحمل دعوة لمحاولة فهم تلك العلاقة الجميلة بين الإنسان وخالقه، وبين ما هو مادي وروحي وبين ما هو علم، وهي العلاقة التي أبهر في فك شفراتها العلماء والفنانون المسلمون، وأبدع القائمون على بينالي الفنون الإسلامية في تقديمه إلى العالم في أبهة حلة.