مجتمع

المسيلة: الإعدام للشرطي قاتل زوجته ووالديها وشقيقها

أحد الشهود يروي تفاصيل اللحظات الأخيرة للضحايا.

  • 1781
  • 4:30 دقيقة
مجلس قضاء المسيلة، الصورة: ح.م.
مجلس قضاء المسيلة، الصورة: ح.م.

قضت محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء المسيلة في دورتها الجارية، بإدانة "ح. ر"، وهو شرطي يعمل في أمن ولاية عنابة، إثر ارتكابه لجناية القتل العمدي، مع سبق الإصرار والترصد، والتي راح ضحيتها  أربعة من أفراد عائلة هي زوجته ووالديها وأخيها الأصغر، ومعاقبته بالإعدام، وهي القضية التي عادت إلى واجهة الحدث المحلي بعد طلب النقض الذي تقدمت به كل من النيابة العامة والجاني.

تفاصيل هذه الجريمة الشنعاء التي تطرقت إليها "الخبر" في حينها، تعود إلى تاريخ 24 من شهر جويلية 2020، عندما استيقظ سكان المدينة على وقع جريمة قتل بالحي الشعبي لاروكاد.

الخبر الذي انتشر كالنار في الهشيم، سرعان ما بدأت أولى خيوطه للعيان، بعدما تأكد أن الجاني ليس سوى شرطي يشتغل بأمن ولاية عنابة قدم إلى المسيلة، نفذ فيها مجزرة راح ضحيتها كل من زوجته ووالديها وأخيها الأصغر، بعدما أفرغ هذا الأخير خزان مسدسه كاملا "25 طلقة" في أنحاء متفرقة من أجسادهم، قبل أن يفر باتجاه مصالح الأمن الحضري الرابع القريب من مسرح الجريمة لتسليم نفسه.

شهادة الجد

وكان المتهم قد أقر للوهلة الأولى خلال التحقيق، أنه لم يتوان في استعمال مسدسه في تصفية حسابات مع أهل زوجته بعد رفض هذه الأخيرة العودة معه إلى بيت الزوجية. وهو الأمر الذي لم يستسغه الجاني وآثر أن يتعامل مع الموقف بالركون إلى خيار السلاح، ليستفيق في الأخير على أنه كان الفاعل في ارتكاب جريمة مروعة لا يستدل عنها إلا بواسطة تلك الأجساد المرمية على البلاط وفي أنحاء متفرقة من البيت، آثار الرصاص على الجدران والدماء التي كانت تغطي ملامح أرواح كانت قبل دقائق فقط تتنفس وتتحدث وتفاوض لأجل مصلحة ابنتها.

الجلسة التي كانت تجمع الجاني بأهل زوجته على وقع ارتشاف فناجين القهوة على نخب الوافد عليهم منذ الصباح الباكر، وهم لا يعلمون أن آخر القهوة رحيل مدمر لم يكن في الحسبان، مقرا أثناء استجوابه أنه كان في حالة غضب هستيرية جعلته يسحب مسدسه ولم يستفق إلا على وقع المنظر الدموي الذي وجده أمامه. ولحسن الحظ لم يكن الإبن الأكبر لحظتها داخل البيت وإلا كانت نهاية الجريمة دفتر عائلي أغلق كليا.

في قضية الحال التي رجعت من الاستئناف، بعد حكم الإعدام الذي صدر فيها قبل عدة أشهر، عاد هذه المرة الجاني أمام هيئة المحكمة للضرب على وتر عاطفي، محاولا لفت انتباه هيئة المحكمة إلى الحالة النفسية التي كان يعيشها تلك الفترة، كان فاقدا للأمل في الحياة وخابت معه كل المساعي لاسترجاع زوجته، مؤكدا أنه كان في تلك اللحظة وبعد ارتكابه لجريمته يحاول الانتحار بمسدسه الذي ظلت في داخله رصاصة واحدة، لكنه عاد إلى وعيه بعد وصول جدّ الضحايا الذي قام باحتضانه وثنيه على ذلك الفعل.

لكن هذا التصريح لم يصمد طويلا لكي يسقط أمام شهادة الجدّ الذي صرح للمحكمة أنه، بمجرد سماعه صوت الرصاص، دخل إلى بيت ابنه ليقف على بشاعة المنظر، حيث شاهد زوجة ابنه وهي تلفظ آخر أنفاسها وترفع يديها كأنما تطلب النجدة، بينما قام الجاني بمسك إحدى ذراعيها ومدها على الأرض قبل أن يطلق عليها آخر رصاصة على مستوى جبينها أردتها قتيلة.

وصرح الجدّ أن كل ذلك حدث في وقت قصير، مؤكدا أن الجاني قبل أن  يطلق آخر رصاصة من 25 كانت بحوزته على أم زوجته، قام بالاتصال بوالدته عن طريق هاتفه النقال، ليخبرها أنه أكمل المهمة ثم غادر إلى مقر الأمن في حالة هستيرية، حيث سلم نفسه هناك مبلغا عن ارتكابه جريمة قتل للتو.

كل هذا تم في لحظات، يؤكد الجدّ، الذي مثل أمام هيئة المحكمة كشاهد ردا على سؤال القاضية فيما إذا كانت علامات التوتر والتأثر فيما يشبه الندم الذي يأتي عادة بعد كل فعل، ظاهرة على محيا الجاني، أم أنه كان في حالته الطبيعية. قال الشاهد "أثناء وصولي لم يكن الجاني يحمل أي علامة من علامات التأثر، بيد أنه كان بصدد إطلاق الرصاصة الأخيرة على جبين أم زوجته بكل وعي والمعرفة بما يفعل ويدور حوله.

ممثل الحق العام: "ما ذنب العائلة؟

أما الشاهد الثاني، والمتمثل في الإبن الأكبر، وهو الناجي الوحيد من المجزرة، فأكد أن خلافات كانت تصدر بين شقيقته وأهل زوجها، وكانت في مرة تعود إلى بيت أهلها، ووالداها كانا في كل مرة يطلبان منها التريث ومعالجة الوضع بروية وعدم الركون إلى خيار الطلاق.

لكنه، يضيف، لم يكن يضع كل ذلك سوى كونه خلافا عائليا سوف يجد له حلا بالتأكيد، وهو لم يعبأ حتى بظنون شقيقته التي قالت له أكثر من مرة أن زوجها يقوم بتهديدها بالقتل.

دفاع الطرف المدني لم يتوان في الطلب مجددا من المشرّع الجزائري ضرورة تفعيل حكم الإعدام وتنفيذه، لما لهذا الأخير من أهمية في التقليل من مثل هكذا جرائم، مستدلا بذلك بدول أخرى كبرى تقوم بتفعيل هذا الحكم، "إذ أن تنفيذ حكم الإعدام لا يعد مساسا بالحقوق والتقارير وغيرها، وإنما هو القصاص العادل الذي نادت به الشريعة  الإسلامية" مضيفا: "عدم تطبيق أحكام الإعدام من شأنه فتح الباب لجرائم في المستقبل أكثر شناعة من قضية الحال".

أما ممثل الحق العام فقال: "قضية الحال لا تدع مجالا للشك أن الجاني فيها ارتكب جريمته مع سبق إصرار، إذ بلغ به الأمر حد التمتع بالمنظر الذي كان حوله، فما ذنب عائلة كاملة؟ وهل يعقل أن يصل خلاف كان يمكن أن يحل بطرق أخرى إلى حد إزهاق الأرواح؟ مطالبا في الأخير بتسليط عقوبة الإعدام في حق الجاني، وهو الحكم الذي نطقت به المحكمة في الأخير، وانسحب على الرأي العام المحلي بالكثير من الارتياح.

يذكر أن مواقع التواصل الاجتماعي، شنت حملة كبيرة بعد ارتكاب هذه الجريمة التي وصفت بالشنعاء، مباشرة بعد انطلاق جلسة الاستئناف للمطالبة بالقصاص العادل، وعدم التراجع عن حكم الإعدام الذي قضت به محكمة أول درجة قبل أزيد من أربع سنوات.

يذكر أن القضية عادت بعد النقض من المحكمة العليا، حيث باشرت محكمة جنايات مجلس قضاء المسيلة، في دورتها الجارية، محاكمتها للمتهم من جديد، أين قضت بإعدام المتهم، وهو الحكم الذي ظل قائما طيلة إجراءات المحاكمة التي استنفذت كل سبل الطعن فيها.