اغتيال "فتيان الكهف": عندما ارتدت العاصمة السواد

حادثة اغتيال "أطفال الكهف" التي وقعت قبل سبع وعشرين سنة بالتمام، في يوم قائظ من أيام شهر أوت عام 1998، حين دخل المراهقون: هشام وياسين وجميل وإلياس ومهدي إلى مغارة "بالكون سان رافاييل"، في حي الأبيار بأعالي العاصمة، اعتادوا ارتيادها خلال العطل المدرسية ونهايات الأسبوع، طلبا للهواء المنعش بداخلها، دون أن يدركوا أن تلك الرحلة ستكون الأخيرة.

 وبينما توغلت أقدامهم داخل الكهف، فوجئوا بوجود إرهابيين متحصنين داخله، مستفيدين من هدوء الحي، نظرا لوجود عدة سفارات، وإقامات دبلوماسيين أجانب، ومنشآت حكومية. عندما لمحهم المسلحون، الذين لا يزال عددهم مجهولًا حتى اليوم، لم يُمهلوهم لحظة للهرب أو حتى الاستعطاف. بدمٍ بارد، ذُبح ثلاثة منهم، فيما قُتل الاثنان الآخران بالرصاص. اختنقت صرخات الطفولة في ظلمة النفق، دون أن يسمعها أحد.. كيف يُقتل فتية أكبرهم لا يتجاوز السادسة عشرة، في منطقة يُفترض أن تكون من أكثر الأماكن أمنًا؟ كيف حدث ذلك أمام أعين الدولة، في وقت بدأت فيه الجزائر تخرج من عقدها الأسود؟ كانت حيرة استبدّت بالقلوب، وأربكت العقول.

ومع حلول الليل وتأخر عودة الفتية الخمسة، استبد القلق بأُسرهم، وخرجوا للبحث عنهم، ينهشهم الخوف مع كل دقيقة تمرّ. وفي صباح اليوم التالي، عثرت قوات الأمن على جثثهم هامدة، غارقة في الدماء.

 انتشر الخبر في العاصمة كالنار في الهشيم، وهزّ البلاد بأسرها. لم تكن مجرد جريمة، بل كانت فاجعة خلّفت جرحًا عميقًا في ذاكرة الجزائريين، وأعادت إلى الأذهان مذبحة أطفال الكشافة في مستغانم عام 1994، حين فجّر الإرهابيون قنبلة داخل مقبرة، فحصدت أرواحهم. جنازتهم كانت مشهدا مهيبا لا يُنسى. ففي يوم الأربعاء 26 أوت 1998، خرجت العاصمة بثياب الحداد، وسادت الشوارع أجواء من الصمت الثقيل.

التوابيت الصغيرة كانت مسجّاة بالعلم الوطني، ودموع الأمهات انهمرت، وصرخاتهن دوّت في الفضاء، بينما الآباء وقفوا بصمت، وجوههم مطفأة بالحزن. مرت السنوات، لكن الذاكرة لم تخنهم. وفي مبادرة لاقت استحسانًا، أُطلق اسم "الأبرياء الخمسة" على مدرسة وسط العاصمة، ليظل هشام وإلياس ومهدي وجميل وياسين أحياء في وجدان الجزائريين، ورموزا لبراءة اغتالتها يد الغدر.

لمشاهدة الحلقة كاملة يمكنكم زيارة الرابط:

https://youtu.be/BRWH15gVl1U?si=4ebYRDsOsM099ITs