صحة

"الأرتروز" أصبح مشكل صحة عمومية.. وهؤلاء الأكثر عرضة

تعد خشونة المفاصل، أو ما يعرف طبيا بـ"الأرتروز"، من أكثر أمراض المفاصل انتشارا، حيث أصبحت تُصنّف ضمن أمراض العصر.

  • 1359
  • 2:36 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

مع الانخفاض الملحوظ في درجات الحرارة الذي تشهده مختلف مناطق الوطن هذه الأيام، تتزايد معاناة المصابين بأمراض العظام والمفاصل، خاصة أمراض الروماتيزم التي يشتد ألمها خلال فصل الشتاء. ورغم أن برودة الطقس لا تعد سببا مباشرا للإصابة بهذه الأمراض، إلا أنها تساهم بشكل كبير في تفاقم الأعراض وزيادة الإحساس بالألم والتيبس لدى المرضى.

أوضح اختصاصي أمراض العظام والمفاصل، الدكتور بلحاج مصطفى سمير، في تصريح لـ "الخبر"، أن تأثير البرودة يعود أساسا إلى تسببها في تقلّص وانقباض الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى نقص تدفق الدم نحو المفاصل والعضلات. هذا النقص يترتب عنه انخفاض في كمية الأكسجين والمواد المغذية التي تصل إلى المفاصل المصابة بالالتهابات أو بالخشونة، ما يؤدي إلى تيبّسها وزيادة الإحساس بالألم.

وأضاف المتحدث أن انخفاض الضغط الجوي خلال فترات البرد يؤدي إلى تمدد نسبي للسائل داخل المفصل، ما يسبب ضغطا على الأعصاب ويضاعف الشعور بالألم، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من التهابات مفصلية أو تآكل غضروفي، كما تقل مرونة الأنسجة المحيطة بالمفصل وتضعف العضلات الداعمة له، الأمر الذي يزيد الضغط على المفصل المصاب ويصعّب الحركة.

"الأرتروز" مرض العصر

تعد خشونة المفاصل، أو ما يعرف طبيا بـ"الأرتروز"، من أكثر أمراض المفاصل انتشارا، حيث أصبحت تُصنّف ضمن أمراض العصر وتمثل مشكلا حقيقيا للصحة العمومية، كما تشير معطيات صحية إلى أنها تستحوذ على نسبة معتبرة من المعاينات الطبية اليومية على مستوى مصالح أمراض العظام والمفاصل.

في هذا السياق، أكدت رئيسة مصلحة أمراض العظام والمفاصل بالمؤسسة الاستشفائية المتخصصة بالدويرة، البروفيسور شفيقة حويشات، أن داء "الأرتروز" بات أول سبب للمعاينات الطبية لدى المريض الجزائري، نظرا لانتشاره الواسع وسط مختلف الفئات العمرية، بما في ذلك الشباب.

وأوضحت حويشات أن جميع مفاصل الجسم قد تكون عرضة للإصابة، خاصة مفاصل اليدين والركبة، كما أشارت إلى تزايد حالات "أرتروز" الرقبة لدى الشباب، مرجعة ذلك إلى طبيعة المهن التي تتطلب وضعيات خاطئة أو مجهودا متواصلا، على غرار الخياطين، الحلاقين والعاملين في مجال الإعلام الآلي.

النساء أكثر عرضة

وعن الفئات الأكثر عرضة للإصابة، أوضحت البروفيسور حويشات، في تصريح لـ"الخبر"، أن المرض يمس الجنسين، غير أن النساء أكثر عرضة له، حيث غالبا ما تبدأ الإصابة بعد سن الخمسين، أي مع مرحلة انقطاع الطمث. وأرجعت الدكتورة ذلك إلى التغيرات الهرمونية، خاصة نقص هرمون "الإستروجين" الذي يلعب دورا مهما في حماية المفاصل والغضاريف، إذ يؤدي نقصه إلى زيادة الالتهاب وتسارع تآكل الغضروف.

عوامل يمكن التحكم فيها وأخرى لا

بيّنت المتحدثة أن هناك عوامل لا يمكن التحكم فيها، مثل العامل الجيني والوراثة، حيث يكون بعض الأشخاص مهيئين وراثيا للإصابة بسبب نوعية الغضروف، إضافة إلى عامل التقدم في السن الذي ازداد تأثيره مع ارتفاع متوسط العمر لدى الجزائريين.

في المقابل، أكدت البروفيسور حويشات أن هناك عوامل أخرى يمكن التحكم فيها، على رأسها السمنة التي تُعد من الأسباب الرئيسية للإصابة بسبب الضغط الميكانيكي الزائد على المفاصل، إلى جانب تأثيرها الإنزيمي، حيث تفرز الخلايا الدهنية مواد تساهم في الالتهاب وتآكل الغضروف. كما شددت المتحدثة على أهمية التغذية السليمة، من خلال تجنب الدهون المشبعة وتعويضها بالأغذية الغنية بـ"أوميغا 3" ومضادات الأكسدة التي تساعد على تعزيز صحة المفاصل.

أمراض مزمنة تزيد الخطر

وفي السياق ذاته، أشارت بحوث طبية إلى أن الأشخاص المصابين بعدة أمراض مزمنة، مثل داء السكري، ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول، يكونون أكثر عرضة للإصابة بداء "الأرتروز". وأظهرت إحصائيات علمية أن المصابين بثلاثة إلى أربعة أمراض مزمنة معرضون للإصابة بتآكل الغضروف بمعدل يصل إلى ضعفي الأشخاص الآخرين.