العالم

الكرة في ملعب المغرب

وجّهت جبهة البوليساريو رسائل لمن يهمه الأمر من الدول الداعمة للمغرب "بأن تكون جزءًا من الحل لا جزءًا من المشكل، وأن تدعم الطرفين في الدخول في المفاوضات الجدية".

  • 49980
  • 2:12 دقيقة
الصورة : ح.م
الصورة : ح.م

المبادرة التي تقدمت بها جبهة البوليساريو لحل النزاع في الصحراء الغربية تفتح المجال للجميع بالتعبير عن طموحاتهم، سواء بالنسبة للشعب الصحراوي أو لجيرانهم المغاربة، وتعتبر فرصة ذهبية تلبي طموحات الجميع، بعيدًا عن "الحل" المغربي الذي هو أقرب إلى كونه "تأثير إعلانات" من كونه  يقدم حلولًا جدية، لأن مضمونه لا يعالج الأسباب الحقيقية للنزاع بل يطيل عمره ويزيد من تعقيده.

فكرة الحكم الذاتي التي يروج لها المغرب منذ سنة 2007، والتي هي في الأصل فكرة فرنسية رأت النور في مبنى الكي دورسي بباريس، ويراد اليوم بعد 18 سنة أن يُنفخ فيها الروح، ما هي إلا قوقعة فارغة مزينة بشعارات لا تمت بصلة بالواقع المغربي وتعقيداته وهيكلة نظامه. وبعد كل هذه المدة وكل الدعاية والترويج للمبادرة، لا تعلم الأمم المتحدة حقيقة تفاصيلها، الأمر الذي دفع المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية ستيفان دي ميستورا لمطالبة الرباط بتقديم مبادرة حقيقية.

ويتكئ نظام المخزن على دعم الولايات المتحدة وفرنسا، الراعي الرسمي للاحتلال المغربي للصحراء الغربية، إلى جانب كل من إسبانيا وبريطانيا. وتحاول واشنطن فرض حل يتبنى الطرح المغربي، أي حكم ذاتي تحت السيادة المغربية، وتتحرك في هذا الاتجاه بنشاط في مجلس الأمن، ويقف من وراء هذا التحرك الأمريكي مصالح مرتبطة باللوبي اليميني بواشنطن وكذلك اللوبي الصهيوني المتحالف مع نظام المخزن. والخدمات الكبيرة التي قدمها المغرب للكيان الصهيوني في حرب غزة، في إبادته للشعب الفلسطيني، تكشف درجة التشابك وتبادل المصالح بين الأطراف الثلاثة. والمغرب يريد أن يقبض مقابل ذلك دعمًا مفتوحًا لاحتلاله للصحراء الغربية.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تنجح الحلول الأحادية و التي تفرض بالقوة على الشعوب؟، التاريخ يجيب عن هذا السؤال بالنسبة للذين اختلطت عليهم الأمور وأصيبوا بعمى بريق دعاية اللحظة والمكاسب السريعة التي تتلاشى كما يتلاشى زبد البحر. ولعل مثال تحرر الجزائر، التي استقلت رغماً عن فرنسا والحلف الأطلسي، وفعلت كذلك الدول الإفريقية وتيمور الشرقية في آسيا، وغيرها من النماذج في صفحات التاريخ، أبلغ درس يجب أن يستفيد منه النظام المغربي ومن يسير في فلكه.

جبهة البوليساريو، وجهت رسائل لمن يهمه الأمر من الدول الداعمة للمغرب عبر مبادرتها الجديدة "بأن تكون جزءًا من الحل لا جزءًا من المشكلة، وأن تدعم الطرفين في الدخول في المفاوضات الجدية"، كما توجهت برسالة إلى النظام المغربي بأن المراهنة "على الأطراف الخارجية خيار محفوف بالمخاطر وذو تكلفة باهظة"، و"الحوار مع الصحراويين هو الخيار الأفضل الذي سيمكننا معًا من تقاسم عادل لفاتورة السلام"، وأعطت مثالًا بالسلام المبرم بينها وبين موريتانيا وما حققته للبلدين.

اليوم الكرة في ملعب المغرب، وهو أمام حتمية استغلال اللحظة، وطوق النجاة واليد الممدودة ل من طرف الصحراويين، لأن العرض الصحراوي بقدر ما هو يحقق آمال الشعب الصحراوي وتطلعاته، يعطي جرعة أوكسجين للمغرب، ويمنحه فرصة الانتقال من تسخير مقدرات البلد في احتلال بلد جار، إلى تسخيرها خدمة للشعب المغربي، الذي ضاق ذرعًا من  هذه الممارسات  والسياسات  التي سيدفع ثمنها العرش الملكي غاليًا.