العالم

المغرب يتهم الإمارات بمحاولة زعزعته

آخر هذه الاتهامات صدرت عن "معهد الجيوبوليتيك" "أوريزون" المغربي في مقال تحت عنوان "الحرب المعرفية الإماراتية ضد المغرب".

  • 25943
  • 3:42 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

حرب المواقع والعصب داخل نظام المخزن تشتد يوما بعد يوم، ومع الوقت تتكشف الكثير من التفاصيل والأوراق حول اللاعبين الرئيسيين في حلبة الصراع حول من يدير دفة الحكم بعد الملك محمد السادس المريض، وفي آخر هذه الحلاقات اتهام الإمارات وبالضبط الشيح طحنون بن زايد، نائب حاكم إمارة أبوظبي، ومستشار الأمن الوطني.

اتهام طحنون بن زايد بالتدخل في شؤون المملكة ليس بالجديد، فقد لوحظ خلال الفترة الماضية تواتر المقالات في الإعلام المغربي، التي تتحدث عن دور طحنون وتدخلاته في شؤون المملكة ومحاولة التأثير على القرار فيها. هذه الحرب تكشف عن صورة تعاكس ما رسمته زيارات المسؤولين في البلدين والاستثمارات الإماراتية السخية في مملكة محمد السادس والمواقف الداعمة المتبادلة حول القضايا الحيوية بالنسبة للعاصمتين، ناهيك عن التشابكات الكبيرة للبلدين في ملفات ذات بعد إقليمي، على غرار قضية الصحراء الغربية والدور الوظيفي الذي تلعبه الرباط لصالح أبوظبي في الساحل وفي مناطق أخرى.

آخر هذه الاتهامات صدرت عن "معهد الجيوبوليتيك" "أوريزون" المغربي في مقال تحت عنوان "الحرب المعرفية الإماراتية ضد المغرب"، حيث يتهم المقال "الإمارات العربية المتحدة، وبالتحديد طحنون بن زايد، رئيس أجهزة المخابرات ونائب رئيس الدولة، بالوقوف وراء ما أسماه بـ"الحرب المعرفية" التي تستهدف المغرب بهدف "تقويض الشرعية الملكية وتفتيت التماسك الوطني وإعادة تشكيل موازين النفوذ في الفضاء المغاربي والإفريقي"، حسب ما يدعي المقال.

ويشير المقال إلى أنه منذ عام 2024 "تشير عدة إشارات متقاربة، تسريبات ضخمة للبيانات وحملات تضليل وسرديات إعلامية عدائية، إلى إستراتيجية منسقة وعابرة للحدود الوطنية، تدار من أبو ظبي. لقد هيكلت دولة الإمارات العربية المتحدة، تحت إشراف طحنون بن زايد رئيس أجهزة المخابرات، مذهبا هجوميا في الحرب المعرفية، أصبح المغرب مختبرا له"، مضيفا أن المغرب تحول إلى "هدف استراتيجي للطموحات الإماراتية"، واعتبر أن المغرب يستهدف بنفس الأساليب التي استهدفت بها الإمارات اليمن بدعم الانفصاليين في الجنوب وفي السودان بدعم قوات الدعم السريع وفي ليبيا بدعم حفتر وضد قطر.

وفي تقدير المصدر فإن قضية انشقاق الرقم الثاني في المخابرات الخارجية المغربية، مهدي الحجاوي، الذي يعتبر صندوق أسرار المغرب ومدعوما من طرف طحنون، الذي كان يعتبر اليد اليمنى لفؤاد عالي الهمة، الرجل القوي في نظام المخزن وصديق طفولة الملك محمد السادس، إلى جانب قضية تسريبات "جبروت" التي أربكت المخزن، وهو حساب على تطبيق "تليغرام" سرب ملايين الوثائق حول الخروقات والفساد وحول حياة ولي العهد الحسن، وصولا إلى سلسلة المقالات التي نشرتها "لوموند" الفرنسية حول "نهاية عهد محمد السادس"، مشيرة إلى "تقارب بين لوموند والهياكل الرقمية الإماراتية، ما يوحي بتزامن استراتيجي"،  كل هذه المعطيات يقف وراءها الشيخ طحنون.

استهداف طحنون من طرف "معهد الجيوبوليتيك" "لوريزون" في هذا التوقيت يأتي في إطار حرب خرجت إلى العلن، استهدفت عبر سلسلة مقالات نشرتها مواقع إعلامية مغربية وركزت "نيرانها" على المسؤول الإماراتي، هذا المعهد يقدم مقالات تحليلية واستشرافية تركز على تلميع صورة المغرب ونشر تقارير ومقالات دعائية مغلوطة ضد الجزائر، يكتبها دبلوماسيون مغاربة سابقون ودكاترة مختصون.

ولمعرفة أي جناح في السلطة يتبع له هذا المعهد، على خلفية الحرب الطاحنة بين أجنحة الحكم في المغرب، خاصة جهازي المخابرات الداخلية "المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني"، التي يقودها الحموشي ويلقى دعما من طرف كل من فرنسا و"إسرائيل"، والمخابرات الخارجية، المديرية العامة للبحوث والمستندات، الحرس القديم للقصر والذي يقوده صديق طفولة محمد السادس الياسين المنصوري، المرتبط بالإمارات، فإن استهداف الموقع لطحنون يكشف بشكل جلي ارتباطه بالحموشي مثله مثل موقع "برلمان. كوم".

وموقع "برلمان. كوم" المقرب من الحموشي كتب أيضا مقالات عن طحنون، حيث نشر مقالا في 19 جويلية تحت عنوان "عندما تتحول "لوموند" إلى بوق دعائي مأجور في ملف مهدي الحجاوي.. وشبهات مثيرة حول بصمات طحنون". كما كتب مقالا بعد أسبوع من ذلك تحت عنوان "ماذا وراء تصريحات مصطفى عزيز حول شبكة النصب التي يتزعمها مهدي الحجاوي؟" الصادر يوم 25 جويلية الماضي، جاء في خاتمته "أما علاقة مهدي الحجاوي مع محيط طحنون بن زايد، رئيس مخابرات الإمارات العربية المتحدة، فهي مؤكدة حسب مصادر "برلمان. كوم"، كما هي مؤكدة كذلك علاقة أحد أبناء مهدي الحجاوي مع ذات المحيط. وتلك قصة أخرى..".

 إن هذه الحرب التي خرجت إلى العلن تكشف عن اشتداد الصدام بين أجنحة الحكم في المغرب وعلى رعاتهم في الخارج، فالحموشي الذي يتمتع بدعم قوي من طرف الكتلة الأمنية التكنوقراطية في المغرب ومن دعم فرنسي وإسرائيلي مفتوح، لا يتوانى عن توجيه سهامه ضد أعدائه في الداخل وعلى رأسهم الياسين المنصوري وحليفه في الخارج الشيخ طحنون، ويسخر في ذلك آلته الإعلامية من مواقع إلكترونية وسياسيين وأكاديميين.

هذا الوضع وهذه الحرب المستعرة يكشفان عن مرحلة خطيرة من التضعضع والتفكك وصلتها المملكة المغربية في عهد محمد السادس الذي تدهورت صحته، ويتقاتل محيطه حول من يفرض خريطة طريقه ورجاله في مملكة ما بعده التي شارفت على الانتهاء، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي الضريبة التي سيدفعها المغرب والشعب المغربي بسبب هذه الحرب التي لا يعلم أحد إلى أين ستؤول؟

رضا شنوف