الوطن

"ناصر الجن" في الجزائر

موقع  El Confidencial الالكتروني الإسباني، روج لسيناريو وهمي خدمة لأجندات مخزنية.

  • 52112
  • 2:29 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

في مقال مثير للجدل وقعه الصحفي الإسباني اغناسيو صمبريرو، كشف موقع El Confidencial عن اصطفاف واضح مع الأطروحات المغربية، من خلال تبني خطاب عدائي ضد الجزائر. لم يكن المقال سوى تجميع لمجموعة من الأخبار الزائفة، أبرزها الزعم بوجود المدير العام السابق للمديرية العامة للأمن الداخلي في مدينة أليكانتي الإسبانية، في وقت تؤكد مصادر موثوقة أنه لم يغادر التراب الوطني مطلقا.

ولم تتوقف حملة التضليل عند هذا الحد، بل امتدت لتستهدف حتى رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، في محاولة مكشوفة للضغط على مدريد والتأثير على توجهاتها السياسية.

هذه الحملة الإعلامية التي تقف وراءها أبواق "El Confidencial"، تحمل في الواقع بصمة المخزن وأجهزته المعروفة بفبركة الأكاذيب، وهو الأسلوب الذي اعتاد عليه كلما تعلق الأمر بالتشويش على الجزائر أو ابتزاز شركاء إسبانيا.

وكان الموقع المذكور قد نشر خبره الكاذب، بشكل مثير للجدل، زاعما "هروبا مذهلا" للمدير العام السابق لجهاز الاستخبارات الداخلية، الجنرال عبد القادر حداد (المشهور بناصر الجن)، إلى إسبانيا عبر البحر كمهاجر غير شرعي.

وقد تأكد أن هذا السيناريو، الذي لم يسند  بأي دليل مادي، يعكس بما لا يترك أي مجال للشك أجندة دعائية تستهدف الجزائر ومؤسساتها الأمنية، في محاولة لخلق صورة زائفة عن وجود صراعات داخلية.

المقال المضلل الذي تبنى أطروحات مغرضة يندرج ضمن سلسلة حملات إعلامية تقف وراءها دوائر المخزن المغربي وأدواته الإعلامية، التي اعتادت على صناعة "السبق الصحفي الكاذب" لتشويه صورة الجزائر وضرب استقرارها.

وتفيد معلومات مؤكدة بأن "ناصر الجن" لم يغادر التراب الوطني إطلاقا، ما يجعل من هذه الرواية مجرد فبركة إعلامية تستهدف تضليل الرأي العام الإسباني والدولي على حد سواء.

وبرأي هؤلاء، فإن هذه الحملة ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل طويل من الأخبار المفبركة، هدفها الأساسي التشويش على الموقف الثابت للجزائر في قضايا إقليمية، في مقدمتها دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، إلى جانب ضرب الثقة بين الجزائر وشركائها الأوروبيين.

المفاجأة الأخرى، أن جريدة "لوموند" الفرنسية، التي تدعي المهنية والاحترافية ويفترض أنها مرجع إعلامي أوروبي بل ودولي، سقطت بدورها في فخ هذه الأكذوبة، بتناولها الموضوع وكأنه حقيقة، وراحت تسترسل في نسج قصص خيالية حول وجود صراع أجنحة داخل الحكم الجزائري، ما يطرح تساؤلات حول مصداقيتها المهنية وانسياقها وراء الحملات الموجهة ضد الجزائر.

ولم يتوقف الترويج عند حدود الإعلام التقليدي، بل امتد إلى شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تسابق بعض الناشطين على إعادة تدوير الأخبار الزائفة، مدفوعين إما بالسطحية الإعلامية أو بخلفيات سياسية مشبوهة.

والأخطر من ذلك أن بعض هؤلاء الأشخاص الذين يقدمون أنفسهم كـ"معارضين" للسلطات الجزائرية والمقيمين في أوروبا، ساهموا في تضخيم القصة، محاولين استغلالها لتأليب الرأي العام وتشويه صورة مؤسسات الدولة بشكل لا يقبل التشكيك أو حتى الحق في التساؤل عن مصدر تلك الروايات الخيالية.

وتكشف هذه الحملات المتكررة على الجزائر ومؤسساتها ورموزها أن الاستهداف الممنهج لم يعد يقتصر على أقلام معروفة بعدائها، بل أصبح منظومة متكاملة تشترك فيها وسائل إعلام غربية ومنصات رقمية وأصوات مأجورة في الخارج، ضمن أجندة تتقاطع بشكل واضح مع أطروحات المخزن وأذرعه الإعلامية.

والحقيقة الوحيدة والمؤكدة أن ما يسمى بـ"حادثة الحرڤة" لم تحصل أصلا وأن المعني لم يغادر التراب الوطني، ليبقى السؤال الكبير والمهم مطروحا: إلى متى يظل الإعلام الغربي المتواطئ مع دوائر استعمارية معروفة وبيادقه في المنطقة أداة في صناعة الأكاذيب ضد الجزائر؟