أعلن المؤلف الموسيقي وقائد الأوركسترا سليم دادة عن العرض العالمي الأول لعمله الموسيقي الجديد "سكوت.. نحن نقتل" الذي سيكون يوم غد بمسرح سانجورجي بكتانيا بإيطاليا، ضمن فعاليات مهرجان بيليني المرموق. ويهدي الموسيقار هذا التأليف الموسيقي الجديد لـصوت سوبرانو وأوركسترا وتريات لأطفال غزة، ضحايا الإبادة الجماعية الهوجاء، مع استخدام لحن مستخلص من أوبرا "نورما" لبيليني، بناءً على نص للشاعر الفلسطيني الكبير نجوان درويش.
سيؤدي العمل السوبرانو السورية المتميزة ميرنا قسيس وأوركسترا فينتشينزو سكونترينو بقيادة المايسترو ماركو أودوني، وتم تأليف هذه القطعة في أواخر جويلية 2025 خلال الطبعة الأولى من الإقامة الإبداعية المنظمة في تلال أوتيك (تونس) من قبل مؤسسة كمال لزعر.
يقول المؤلف الموسيقي سليم دادة، في تصريح لـ"الخبر"، إن فكرة هذا العمل جاءت "جراء الصدمة الإنسانية غير المسبوقة التي نعيشها منذ ثلاث سنوات والمشاعر المتناقضة التي تكتنفني جراءها، ما بين الإحباط لما آل إليه العالم اليوم من لامبالاة وهو يشاهد يوميا القصف والتشريد والتجويع والقتل لأهالي غزة، وبالأخص الأطفال منهم"، مضيفا "ومن جهة أخرى، الإحساس بالمسؤولية الفنية والأخلاقية كفنان ومثقف ملزم بتوثيق ما يجري والتحسيس بخطره أمام العالم أجمع، وبالأخص من لا يزال في قلوبهم شك في حقيقة ما يحدث"، حيث يؤكد أن عمل "سكوت.. نحن نقتل" جاء كدافع قوي للبحث عن لغة فنية درامية وتهكمية قادرة على نقل هذه الكارثة الإنسانية إلى العالم، دون بكائية ولا نحيب.
يوضح سليم دادة أنه اعتمد في هذا العمل على تقنية المقابلة بين الجمال والرعب؛ باستخدام الصوت البشري وأوركسترا الوتريات فقط، مع التلميح لمقطع من أوبرا "نورما" للمؤلف الأوبرا الإيطالي بيليني، والذي تتضمن لحنا يمثل الصلاة من أجل السلام، لكنه يُقدم هنا في إطار مأساوي يعكس كيف يُسحق الجمال تحت وطأة العنف. ويشير دادة إلى أن هذا التناقض ما بين أناقة الموسيقى وبشاعة الواقع أعطى للعمل بعدا مسرحيا، وخلق حالة نادرة في استعمال الصوت الأوبرالي واستخدام الوتريات كساحة للقنابل والطائرات التي تضرب، في دعوى للتفكير والتأمل.
وجد سليم دادة نص العمل عندما قرأ ديوان "استيقظنا مرّة في الجنّة" (2022) للشاعر الفلسطيني نجوان درويش، وليد القدس الذي يُعدّ أحد أبرز الشعراء العرب اليوم، حيث تمت ترجمة أعماله إلى أكثر من 20 لغة وحصل على جوائز دولية مرموقة. القصيدة عنوانها "نوم في غزة"، وقد كتبها سنة 2008 أثناء أحداث الهجوم الأول على غزة، ويعلق دادة على هذه القصيدة "الغريب أنها تحكي عن أشياء لا تزال تحدث اليوم، كأن الزمن لم يتحرك مذ ذاك". أما المؤدية ميرنا قسيس، فهي مغنية أوبرا سورية، تخصصت في الغناء الأوبرالي والموسيقى العربية التقليدية، حيث درست في دمشق وفي جنوة بإيطاليا أين تقيم منذ 2012، وقد شاركت في عديد المشاريع التي تدعم القضايا الإنسانية. أما أوركسترا سكونترينو، فهو من كاتانيا بصقلية تحت قيادة المايسترو الإيطالي ماركو أودوني.
وتحدث دادة عن أن مشاركة فنانين من خلفيات متنوعة في هذا العمل "لم تكن مجرد اختيار فني، بل كانت رسالة إنسانية تذكر بأن الدفاع عن القضايا الإنسانية لا تحده الحدود ولا الثقافات"، ويقول "لذا، فقد ارتأيت أن أكتب العمل بالعربية والإنجليزية مع إمكانية تقديم نسخ أخرى بالإيطالي والفرنسي، حسب مكان العرض وسياق تقديم العمل، حتى يصبح صوت غزة مسموعًا عبر لغات متعددة".
ويؤكد سليم دادة في الأخير أن "الفن ليس مجرد وسيلة للتعبير الجمالي، بل هو أداة مقاومة وتغيير. عبر التاريخ، لعب الفن دورًا محوريًا في كسر حاجز الصمت حول القضايا العادلة، سواء عبر اللوحات أو الموسيقى أو الأدب"، مضيفا أنه في حالة "سكوت.. نحن نقتل"، يساهم العمل في توثيق المعاناة، إثارة الضمير العالمي، بالإضافة إلى تقديم رسالة مقاومة ثقافية عبر الحرب الناعمة التي لا يختلف اثنان عن مدى نجاعتها وتأثيرها.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال