ثقافة

مشروع بن دودة الجديد لإعادة الجزائريين إلى المسرح

الوزيرة أعلنت عن حزمة من القرارات.

  • 226
  • 2:21 دقيقة
مليكة بن دودة
مليكة بن دودة

تسعى وزيرة الثقافة والفنون، مليكة بن دودة، إلى بعث دور ووظيفة المسرح في الجزائر، بعدما تضاءلت واختفت تقريبا في المجتمع، وفقد المسرح جمهوره شبه كليا، أمام زحف وهيمنة وسائل ومنصات التواصل والاتصال الاجتماعي، والتحولات التي طرأت في عادات التلقي في العالم، وبدرجة أعمق وأوسع في البلد.

وفي اجتماع مع مديري المسارح عبر الوطن، أمس، بقصر مفدي زكريا بالعاصمة، وجهت الوزيرة الحضور إلى ما اعتبرته "نهجا جديدا"، يقوم على "الانتقال بالمسرح من فضائه المعماري إلى بعده الوظيفي والمجتمعي"، وهو الدور المحوري الذي لعبه هذا الفن العريق في توعية وتنشئة وتحسيس الأفراد وتزويدهم بحس عقلاني ونقدي وحضاري ووطني، قبل أن يتراجع سنوات التسعينيات، إثر استهداف الكثير من رموز وأيقونات الركح.

وعرضت الوزارة في اللقاء الوطني لمديري المسارح الجهوية، وفق بيان الوزارة، ملامح التوجّه الجديد لسياسة الدولة في مجال المسرح، معلنة جملة من "القرارات السيادية والتوجيهات الاستراتيجية الرامية إلى تجاوز منطق التسيير الإداري الجامد نحو ترسيخ الفعل الثقافي الحي داخل المؤسسة المسرحية".

وأعلنت الوزيرة عن حزمة من القرارات المالية والتسييرية، أبرزها دعم مالي فوري في شكل منح وإعانات مالية فورية لإنتاج أعمال مسرحية جديدة، إلى جانب تحسين الوضعية الراهنة للمؤسسات.

كما تقرر رفع ميزانيات المسارح مقابل "تبعات الخدمة العمومية لسنة 2026 لمواجهة التحديات الراهنة"، مع "إطلاق عملية كبرى لإعادة هيكلة قطاع المسرح، تتوج باستحداث هيئة وطنية للمسرح"، في مشروع من المبكر استشراف مدى نجاحه وفاعليته حاليا، غير أن ملامحه توحي بأنه بحاجة إلى اهتمام وجهد كبيرين وحقيقيين، حتى يتجسد فعليا في سلوكات الأفراد والواقع.

وفي تشخيصها للأزمة القائمة في المجال، أكدت الوزيرة أن الأزمة الحقيقية ليست فقط في القاعات أو القوانين، بل في "غياب المبادرة"، مشددة على أن المسرح يجب أن يجيب اليوم عن أسئلة وجودية: "لمن ننتج؟ و ما الأثر الذي نتركه؟"، ما يعني أن القائمة على القطاع المسرحي في البلد تعتقد أن الأزمة مرتبطة بالمبدع في حد ذاته أيضا وليس بالتمويل فقط.

وتابعت الوزيرة بأنه لا يمكن ترك "مسارح الدولة جدرانا صماء"، فهي "فضاءات للحوار المجتمعي والتجريب الفني الجريء"، لافتة إلى أن "المرحلة القادمة هي مرحلة عقد النجاعة: الثقة مقابل المسؤولية، والدعم مقابل النتائج الملموسة".

ووجهت الوزيرة مديري المؤسسات المسرحية بضرورة الاعتماد على "التخطيط الاستراتيجي بدلا من البرمجة الروتينية"، ملخصة أولويات المرحلة في "النجاعة المالية القائمة على التسيير العقلاني للموارد، والبحث عن تمويلات وشراكات استثمارية إضافة لإعانات الدولة، مع تفعيل عقود النجاعة للمسيرين".

كما دعت إلى تبني فلسفة "الجودة الفنية" التي تتجسد في "برمجة عروض منتظمة تستجيب لمعايير فنية مضبوطة"، مع إعادة النظر في آليات عمل اللجان الفنية، بما يضمن إنتاج أعمال قادرة على "استرجاع الجمهور للقاعات، والتفاعل مع ذائقته الجمالية، وتمكين المسرح الجزائري من حضور نوعي ومشرّف في التظاهرات والمهرجانات الدولية".

ومن آليات الإصلاح، وفق البيان، "الانفتاح الاستراتيجي"، الذي يحول المسارح إلى "حاضنات للفرق المستقلة والمبدعين، وتوطيد الشراكة مع قطاع التربية لتحويل المسرح إلى مسار تربوي مستدام".

واختتمت الوزيرة اللقاء بالتأكيد على أن هذه التوجيهات هي بداية لورشة إصلاح شاملة، داعية المديرين إلى "التفكير خارج الصندوق" وتحرير الفعل المسرحي من قيود البيروقراطية، لصناعة مسرح يليق بتطلعات الشعب الجزائري وهويته العريقة.