مجتمع

بحث علمي ينقل واقع أطفال القمر في الجزائر

هو اضطراب وراثي نادر يُصيب الجلد ويجعل المصابين به في حاجة دائمة إلى عناية طبية دقيقة ومتابعة شاملة.

  • 9447
  • 1:53 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

في إنجاز أكاديمي بارز يضيف لبنة جديدة إلى صرح البحث الطبي المتخصص في الجزائر، شهدت كلية الطب بجامعة الجزائر مناقشة أطروحة دكتوراه متميزة للطبيبة الأستاذة فاطمة الزهراء زموري، المختصة في الأمراض الجلدية بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، حول مرض "xeroderma pigmentosum" المعروف بـ "أطفال القمر" – وهو اضطراب وراثي نادر يُصيب الجلد ويجعل المصابين به في حاجة دائمة إلى عناية طبية دقيقة ومتابعة شاملة.

امتد هذا البحث الميداني المعمّق لأكثر من تسع سنوات، تم خلالها توثيق ومتابعة حالات نادرة من هذا المرض في الجزائر، وتحليلها من الجوانب السريرية والجينية والنفسية، في عمل يُعد من أوائل الدراسات الشاملة حول هذا الموضوع على المستوى الوطني. وقد اعتبرت لجنة المناقشة أن الأطروحة تمثل مرجعًا علميًا متكاملًا مؤهلًا للنشر الدولي، لما تضمنته من معطيات دقيقة وتحليل علمي رصين.

اللافت في هذا العمل العلمي ليس فقط دقته الطبية، بل أيضًا ما حمله من بُعد إنساني واجتماعي. فقد حرصت الدكتورة زموري على تسليط الضوء على التحديات اليومية التي يواجهها "أطفال القمر" في الجزائر، من معاناة صحية واجتماعية، إلى غياب التغطية الصحية الكافية، وندرة الإمكانيات المتاحة لعلاج ومرافقة هذه الحالات النادرة. وقد دعت، من خلال بحثها، إلى ضرورة التكفل المبكر والشامل بهذه الفئة الهشة، بما يضمن لها حياة كريمة ومستقبلًا أفضل.

وشارك في مناقشة الأطروحة نخبة من أبرز المختصين في الأمراض الجلدية بالجزائر، من بينهم الأستاذ طارق منسول من جامعة قسنطينة، والأستاذة سميرة زبيري رئيسة مصلحة الأمراض الجلدية بمستشفى مصطفى باشا، والأستاذ عبد النور بوريحان من المستشفى المركزي العسكري، بينما ترأست اللجنة الأستاذة أمينة سراج من مستشفى وهران الجامعي.

وقد منحت اللجنة الأطروحة تقييمًا مشرفًا مع تنويه رفيع، إلى جانب توصية صريحة بنشرها في مجلات علمية متخصصة، واقتراح فتح آفاق للتبادل الجامعي حول الموضوع لما له من أهمية علمية وإنسانية كبيرة.

من جانبه، عبّر المشرف على الأطروحة، الأستاذ بوعجار بكار – أحد أعلام الأمراض الجلدية في الجزائر – عن فخره بهذا العمل، مشيرًا إلى أنه يمثل نموذجًا يُحتذى به في الجمع بين الصرامة الأكاديمية والبعد الإنساني في الطب.

تجدر الإشارة إلى أن هذا العمل تم ضمن مصلحة الأمراض الجلدية بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، أحد أعرق المؤسسات الصحية في الجزائر، والذي يُعد مرجعًا وطنيًا في هذا التخصص.

ويمثل هذا الإنجاز الأكاديمي تتويجًا لمسار طبي وإنساني مميز، ويبعث برسالة أمل إلى العائلات التي تعاني في صمت مع أمراض نادرة، داعيًا إلى مزيد من الدعم المؤسسي والعلمي لهذا المجال الذي لا يزال بحاجة إلى اهتمام أوسع.