في أمسية كانت منتظرة لتكون تتويجا لموسم متقلب، وتعويضا عن سلسلة الإخفاقات المدوية في منافستي البطولة ورابطة الأبطال الإفريقية، تلقى شباب بلوزداد، أمس، صفعة جديدة بخسارة نهائي كأس الجزائر، تبخرت معها آمال جماهيره التي كانت تحلم بلقب يُنقذ الموسم، ومعها خيبة أداء لم يرتقِ إلى حجم التحدي، ليجد نادي "لعقيبة" نفسه يخرج من الموسم صفر اليدين لأول مرة منذ تولي مجمع "مادار" مسؤوليته في 2018 ، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول مستقبل الفريق، خياراته الفنية، وتسييره الإداري والمالي.
لا يمكن اختزال سقوط شباب بلوزداد في مجرد خسارة مباراة نهائية، بل هو نتيجة تراكمات فنية وإدارية امتدت على مدى آخر موسمين. فنيًا، أفرزت فريقا بلا هوية واضحة، من دون روح، ساهم فيها إفلاس واضح للمدرب راموفيتش الذي لم يستقر، منذ وصوله، على نهج تكتيكي ثابت، انعكس سلبا على الأداء العام، خاصة في المحطات الحاسمة التي لم يحسن أبدا التفاوض خلالها.
فقد عكست المباراة النهائية، أمس، فشل راموفيتش مرة أخرى في اختيار التشكيلة الأساسية الأمثل، والتي يسعى لتعويضه بالقيام بتغيرات طارئة حتى قبل نهاية المرحلة الأولى.
فقد سارع في تعويض لعوافي وبلخير بعد 18 دقيقة فقط من انطلاق المباراة، وهو ما اعتبره مدربون ومحللون تواجدوا في ملعب مانديلا، أمس، دليلا على سوء اختيار التشكيلة الأساسية، وأيضا تسرعا وقلقا وتوترا من المدرب نقله إلى لاعبيه، وهو ما ساهم في عجزهم عن تدارك تأخرهم في النتيجة، رغم أن المجال والوقت كانا كافيين ومتاحين لتحقيق العودة.
وبدا جليا أن الفريق دخل المباراة النهائية فاقدا للتركيز الذي يتطلبه هذا النوع من المباريات، المدرب راموفيتش انشغل بخرجاته الإعلامية الكثيرة (على غرار ما فعل مع يونغ أفريكانز قبل مواجهة مولودية الجزائر)، في وقت لاحت معطيات ومعلومات مؤكدة، بأنه لم يعد يتحكم في المجموعة ولا في الخيارات الفنية، بدليل ما حدث مع وضعية اللاعب حسين سالمي، الذي لم يكن مؤهلا تماما للعب بعد عودته المتأخرة من الإصابة (كان غائبا لمدة شهرين عن المنافسة)، ولحرص اللاعب على تقاسم مكاسب النهائي (منحة التتويج)، أصر على التواجد في قائمة العشرين، وهو ما رضخ له المدرب ليتم التضحية بالمهاجم كوناتي، الذي تم سحب اسمه من ورقة المباراة، قبل ساعات عن التنقل إلى ملعب مانديلا.
وبحسب مصادرنا، فإن راموفيتش لم يعد سيد قراراته منذ أن أصبح مدينا للمنسق العام، يوسف شيبان، والقائد عبد الرؤوف بن قيط، ومن ورائهما رئيس مجلس الإدارة، مهدي رابحي، بتمديد عقده من طرف رئيس مجمع "مادار"، عمارة شرف الدين، إلى 2028، ورفع راتبه الشهري من 22 إلى 40 ألف أورو، وهذا بعد أن أثار الثلاثي المذكور مخاوف شرف الدين من إمكانية رحيله إلى اتحاد العاصمة، الذي كان، بحسب هؤلاء، يريده الموسم المقبل.
ولا يمكن وصف لجوء إدارة شباب بلوزداد لتمديد عقد راموفيتش ورفع راتبه الشهري في 30 ماي الماضي، سواء بالقرار غير المنطقي وغير المفهوم، كون المدرب صاحب الأصول البوسنية، لم يكن قد حقق أي إنجاز يرشحه للحصول على تلك الامتيازات، مع التذكير بأنه كان مرتبطا من الأساس مع الشباب إلى غاية نهاية الموسم المقبل، ليصبح راموفيتش بفضل إدارة الرئيس رابحي، أول مدرب في العالم يحصل على امتيازات التمديد ومضاعفة راتبه الشهري بعد أن قاد فريقه لموسم صفري دون أن يوفق حتى في تأهيله لمنافسة رابطة الأبطال الإفريقية.
إداريا، فالمجال لا يتسع للعودة لكل الأخطاء والكوارث التي تورط فيها رئيس مجلس الإدارة، مهدي رابحي، منذ وصوله لتسيير الفريق، سواء في خيارات المدربين أو تلك المتعلقة باللاعبين من صفقات مكلفة ماليا، لم تقابلها أي إضافة فنية، وقابلها رحيل ألمع العناصر والركائز لأسباب متعلقة به شخصيا (رحيل دراوي وبوراس) وصولا للتعيينات التي أجراها على مستوى الإدارة، لم تستند لأي اعتبارات موضوعية، في صورة مستشاره الفني، نور الدين نڤازي، الذي بحث طويلا على منصب عمل في الشباب، وكان يتنقل يوميا للتدريبات، وبعد الوصول إلى مبتغاه والتوقيع على عقد العمل، صار يكتفي بالحضور أيام المباريات، قبل أن يبرز بغيابه عن الفريق في مباراة النهائي، في وقت بقي فيه رابحي حريصا على خطف الأضواء، إلى درجة أن بادر في خطوة غير مسبوقة في تاريخ المباريات النهائية محليا وعالميا، بتقديم لاعبيه لرئيس الجمهورية بدلا عن القائد بن قيط، الذي تملكه الغيظ بسبب خرجة رئيسه.
في المحصلة، وجد شباب بلوزداد نفسه خارج دائرة الألقاب، وبعيدا عن منصة رابطة الأبطال، ليُغلق موسمه على واحدة من أكثر نهاياته مرارة في السنوات الأخيرة.. ليُطرح السؤال بقوة: هل سيتدخل شرف الدين ويستمع أخيرا لنداء الجماهير من أجل تصحيح المسار.
أولى المعلومات تؤكد أن شرف الدين قرر التحرك أخيرا لإنقاذ الفريق من الذهاب نحو الأسوأ، والبداية ستكون بتحقيق المطلب الجماهيري رقم واحد بإقالة رمز هذا التردي وهذا الانهيار، الرئيس رابحي، الذي يأبى تحمل مسؤولية الاخفاق عبر تقديم الاستقالة، أكثر من هذا راح يجتمع سهرة أمس بعد خسارة النهائي بالمدرب راموفيتش بفندق حياة ريجنسي والمنسق شيبان من أجل تحضير الموسم المقبل.
المطلب في شباب بلوزداد حاليا هو احداث تغيير جذري يمتد من رئيس مجلس إدارة إلى عدد من الشخصيات التي عينها رابحي في الإدارة منذ وصوله، وأولهم المنسق العام، يوسف شيبان، والمستشار الفني نور الدين نڤازي، ومعهم عدد من المنتفعين ممن يتقاضون أجورا دون أي مهمة واضحة في الفريق مع تنصيب لجنة فنية ستهتم بتحضير الموسم المقبل ومراجعة العقود والقيام بانتدابات نوعية، بعيدا عن الفوضى والعشوائية التي سار عليها الفريق في آخر موسمين.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال