+ -

 أظهر حسين بن حديد، أول أمس، في لقاء مع صحفيين من “الخبر” و”لوسوار” و”الوطن” الصادرتين باللغة الفرنسية، في بيته وبطلب منه، بأن الدعوى التي رفعت ضده وأدخلته السجن لمدة 10 أشهر دون محاكمة، كانت “سياسية”، وتعلقت بتصريحات صحفية أبدى فيها رأيه حول حقبة من فترة التسعينيات، أثارت حفيظة و”مخاوف” بين المسؤوليين المدنيين والعسكريين.- الرئاسة والجيش اتفقا على إدخالي السجن ومكثت فيه 286 يوم -سجني كان بسبب تصريحاتي على قناة المغاربية التي أثارت مخاوف بعض المسؤولين-سيارتان تتابعان تحركاتي أينما ذهبت ولا أزال أنتظر إمّا حفظ الدعوى أو محاكمتي-الجريدة المسموح لي بقراءتها “الوطن” و”الخبر” سمح لي بها مرتاندار اللقاء مع الجنرال المُتقاعد بن حديد في بيته بالعاصمة ودام حوالي 6 ساعات كاملة، حضره أيضا زوجته ومحاميه الأستاذ بشير مشري. لم تبد على بن حديد مظاهر التعب، وهو الذي أنهكه الحبس طيلة 286 يوم في سجن الحراش، خصوصا وأنّه يعاني من مرض الانزلاق العضروفي وسرطان البروستات الذي يُتابع علاجه الكيميائي بمستشفى مصطفى باشا الجامعي. وجدناه في حلة أنيقة، يرتدي بذلة تناسق لونها البنّي الفاتح مع العصا التي تساعده على المشي.ملامح المرض بدا أثرها واضحا على حسين بن حديد، فقد خسر، حسبه، من وزنه كثيرا بسبب نوعية الأكل التي كانت يقدمها مطعم السجن. فيما ظل وفيا لسجائره. فطيلة الساعات التي جلس فيها الصحفيون معه، قضى بن حديد على نصف علبة سجائر من نوع “المالبورو”، مع كوبين متتالين من الشاي المُحضّر في المنزل.حاول بن حديد، قبل الخوض معه في ظروف سجنه وبعده، أن يصنع جوّا لطيفا طبعه بسرد بعض مغامراته لمّا كان يدرس في الخارج، وعن شبكة العلاقات التي توفرت له من دول مختلفة في العالم، وكذا مسيرته في خدمة الوطن والجيش طيلة نصف قرن. وقد استحوذ هذا الجو على نصف المدة التي جلسنا فيها معه في صالون منزله المُرصّع بصوره مع زملاء له لمّا كان يدرس في بعض دول العالم، هم حاليا قادة عسكريون مرموقون في بلدانهم.“286 يوم سجنا و30 ساعة استجواب”..الجنرال المتقاعد حسين بن حديد وهو يروي للصحفيين ظروف حبسه، لم يتعب أبدا أثناء الحديث ماعدا اقتطاعات من الوقت، بسبب مرض سرطان البروستات. يتناول بن حديد الحديث وبين إصبعيه سيجارة من “المالبورو”، قائلا: “مكثت في سجن الحراش 286 يوم، وقبله لدى الدرك الوطني أثناء التحقيق 30 ساعة. وقد دخلت السجن بالهاتف بسبب تصريحات لي على قناة المغاربية يبدو أنها أثارت مخاوف بين المسؤوليين في الدولة حول فترة التسعينيات”.هوية المتصل لا يعرفها بن حديد، لكنّه يجزم بأن “المرادية (الرئاسة) وطاغارا (وزارة الدفاع) اتفقا على وضعي في السجن، بسبب تلك التصريحات التي تناولت بعض الحساسيات”. لكن الوضعية التي أنا فيها الآن غامضة، فقد دخلت السجن دون محاكمة وخرجت منه تحت الرقابة القضائية؟ سؤال يجيب عليه بن حديد بثقة واضحة: “أتوقع محاكمتي بعد استفادتي من الإفراج المؤقت، قبل نهاية شهر أكتوبر”.لكنه رأي لا يشاطره فيه محاميه بشير مشري، موضحا: “أنا لا أعتقد أن تتم المحاكمة أصلا. فالوضع الذي هو فيه موكلي أنسب حل بالنسبة للذين أدخلوه السجن ليبقى السيف على عنقه”. ثم يعود الجنرال بن حديد فيشدد على تصوره كمخرج لوضعه القانوني: “الأكيد حسب اعتقادي أنه في الثلاثة أشهر القادمة، ستكون إمّا محاكمة أو حفظ الملف نهائيا”.هل الوضع الحالي الذي أنت فيه سيد بن حديد قانوني؟ يتدخل هنا المحامي ليسحب الإجابة منه، مشيرا إلى أن “الوضع الذي كان فيه موكلي بن حديد داخل السجن هو غير القانوني. أما حاليا فهو في وضع قانوني تحت الرقابة القضائية التي لا يحدد مدّتها القانون”. تفسير قانوني يزيد عليه حسين بن حديد الإضافة التالية: “أذهب بداية كل شهر إلى محكمة سيدي أمحمد للإمضاء على الرقابة القضائية”.“وضعي الحالي يحدّ من حريتي”..هذا الوضع القانوني يراه السيد بن حديد بأنّه “يحدّ من حريتي ويمنعني من التنقل بحرية تامة، خصوصا وأنني أخضع للعلاج الكميائي ولي ارتباطات كثيرة مع أطباء يعالجونني، لذلك أطلب أن يتم الإسراع في الفصل مبكرا في ملف الدعوى”. متابعا: “ومع هذا كله، الوضع الذي أنا فيه لا يعرّضني لأية ضغوطات نفسية ولا يحط من معنوياتي التي مازالت مرتفعة حتى وأنا في السجن”.جزئية مهمة جدّا يكشف عنها الجنرال المتقاعد، تتعلق بـ”المراقبة الأمنية لتحركاتي وتنقلاتي يوميا منذ خروجي من السجن بتاريخ 11 جويلية الماضي، حيث توجد سيارتان صغيرتان تلازماني مثل ظلّي، وتتبعاني حتى لدى ذهابي إلى المستشفى لتلقي العلاج الكيميائي، ولست أدري لم هذه المراقبة؟”. هذا السؤال الذي يطرحه بن حديد يجيب عليه محاميه بشير مشري: “أظنّها حماية له”. لكن السؤال الكبير المطروح حماية الجنرال حسين بن حديد لصالح من، مادام أنّه يقول إن الرئاسة والجيش اتفقا على إدخاله السجن؟يصل السيد حسين بن حديد بالصحفيين إلى اقتراب الإفراج عنه مؤقتا، موضحا: “خرجت من السجن لما تأكد من حبسني أنني كنت على عتبة الموت، أي خرجت لأسباب صحية. فقد مررت بظروف صحية قاهرة منعتني حتى من الأكل والشرب والكلام. وكل من تابع قضيتي يعلم أنه أجريت لي فصوحات في مستشفى باشا الجامعي، التي لم تظهر نتائجها إلى الآن. ثم زارني بعدها فريق طبي من الهلال الأحمر الدولي، يقوده طبيب من جنسية كازاخستانية يتكلم الفرنسية بطلاقة، حيث أخضعني إلى أسئلة دقيقة تخص حالتي الصحية”.ويتابع بن حديد: “بعدها تقرر بعد زيارة هذا الطبيب الأجنبي تحويلي إلى مستشفى لمين دباغين (مايو سابقا) بباب الوادي في العاصمة، وأجريت لي هناك تحاليل وفصوحات وأشعة دقيقة، أظهرت أنّي مصاب بمرض سرطان البروستات، ولهذا الداعي الصحي أفرج عنّي. علما أني كنت لا أطلع على ما يكتب عنّي داخل السجن. فالجريدة الوحيدة المسموح لي بقراءتها كانت الوطن الصادرة باللغة الفرنسية، وحينما يكون العدد التي يتناول قضيتي أحرم منها. أما جريدة “الخبر” فسمح لي مرتان فقط بالاطلاع عليها”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات