أقلام الخبر

عن الدكتور طالب أحدثكم

  • 1043
  • 1:29 دقيقة

رحل أحمد طالب الإبراهيمي في صمتٍ، يليق برجالٍ عظماء كرسوا حياتهم في خدمة أوطانهم وشعوبهم.

كان الدكتور طالب فاعلاً وشاهدًا على إحدى أكثر صفحات تاريخنا المعاصر مجدًا: صفحات النضال من أجل الجزائر وكذلك المشاريع السخية والواعدة لإعادة الإعمار الوطني.

أظهر عند أداء مختلف المسؤوليات التي تولاها كامل التفاني والاستعداد. كذلك، من السمات المميزة له مهارة الإنصات إلى زملائه، الذين لقوا من لدنه التشجيع على تقديم أفضل ما لديهم من أجل مصلحة البلاد.

تمكنت بصفتي أحد معاوني السيد الوزير عندما كان على رأس وزارة الخارجية، من تقدير مجمل صفاته الإنسانيّة كما المهنيّة.

أذكر أن من أوائل الإجراءات التي اتخذها عندما خلف المرحوم محمد الصديق بن يحيى، أن استدعى مجموعة من الدبلوماسيين العاملين في البعثة الجزائرية الدائمة في الأمم المتحدة في نيويورك. كنا آنذاك أربعة شباب، أحمد عطاف، رمطان لعمامرة، لحسن موساوي، وكاتب هذه الأسطر. كُلِّفنا عند العودة إلى الجزائر، بمسؤوليات عليا في الإدارة المركزية، وبذلك استلمنا زمام الأمور تدريجيًا من جيل الثورة.

استطاع الدكتور الإبراهيمي بفضل الحس السياسي العالي الذي تشكل لديه على مدى فترة النضال التحريري الطويل، من بثّ ديناميكية فعّالة في الدبلوماسية المرتكزة بقوة على الانتماء الثلاثي للجزائر: المتوسطي والإفريقي والعربي.

أبقى بعد إعفائه من المسؤولية بعد أحداث أكتوبر 1988، باب بيته مفتوحًا. تابع تطورات البلاد عن كثب، وسعى للمساهمة في فهم الأحداث وتذليل الصعوبات.

مكثتُ طوال هذه السنوات زائرا مخلصًا ومستمعًا في انتباه لتحاليل وتأملات مثقف وسياسي متجذر بعمق في الواقع المتعدد لبلاده ومتابع عن كثب لتطورات عالم مضطرب ومتغيّر.

تركنا الرجل بضمير مرتاح. ضمير من أدّى واجبه تجاه وطنه وشعبه. سمعته يردّد مرارا أن على المرء أن يكون على سجيته، وكذلك منتميًا لشعبه ولعصره. عاش حتى الرمق الأخير على هذه القناعة الراسخة التي غرست فيه الحكمة عند الحكم، والتوازن في الموقف، والعمق في التحليل.

ارقد بسلام يا سي أحمد ولتكن هذه الأرض الجزائرية التي أحببتها بشغف خفيفة عليك.

*وزير الخارجية الأسبق