ثقافة

وسام رئاسي للعلامة محمد الصالح الصديق

يعد قامة وطنية وواحد من أبرز رجالات الثورة الذين جاهدوا بالسلاح والقلم.

  • 689
  • 2:53 دقيقة
ح.م
ح.م

أسدى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، وسام من مصف الاستحقاق الوطني بدرجة "عهيد" للمجاهد والكاتب والعلامة، الشيخ محمد صالح الصديق، تقديرا لمسيرته العلمية والدعوية وتكريما لإسهاماته الجليلة في نشر قيم الاعتدال والوسطية والتسامح.

وقد أشرف على مراسم إسداء الوسام، اليوم الخميس بقصر الثقافة مفدي زكريا (الجزائر العاصمة)، كل من وزيرة الثقافة والفنون، مليكة بن دودة، ومستشار رئيس الجمهورية المكلف بالتربية والتعليم العالي والتكوين المهني والثقافة، نصر الدين بن طيفور، بحضور عدد من الوزراء والأمين العام لوزارة الدفاع الوطني، إلى جانب عدد من الشخصيات الوطنية والثقافية.

وبالمناسبة، قرأت وزيرة الثقافة والفنون الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية إلى العلامة محمد صالح الصديق، والتي جاء فيها: "الحمد لله أن بارك في عمركم الذي قضيتموه عامرا بالسخاء الثقافي والفكري, منذ أن كنتم شابا نهل من منابع الشيخين العالمين عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي وإخوانهم الأجلاء في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وتشبعتم مع جيلكم في تلك الفترة العصيبة من تاريخ الجزائر بقيم النضال الوطني إبان الحركة الوطنية الذي كان في ثلاثينيات القرن الماضي يرسم الطريق نحو موعد قريب مع فجر ثورة الفاتح نوفمبر 1954".

وأضاف رئيس الجمهورية مخاطبا العلامة محمد صالح الصديق: "لقد كنتم من طلائع ذلك الجيل من المثقفين الذين اضطلعوا بمهام وطنية شريفة من أجل إشعاع الوعي التحرري الوطني أيام كان الاستعمار البغيض يكتم الأنفاس ويحارب الهوية والانتماء ويسعى إلى تشويه ديننا الحنيف وطمس ثقافتنا العريقة وإقصاء لغتنا".

وتابع قائلا: "لقد كنتم آنذاك صحفيا، قلما من أقلام بواكر المنابر الإعلامية لجمعية العلماء، شاهدا في صفحاتها على أحداث مرحلة بالغة الأهمية في تاريخ الجزائر الحديث وأديبا حصيفا متميزا بصفاء القريحة ووقار الكلمة وأصالة الفكرة ونبل الموقف وصدق الوطنية، جامعا بين سمو المعنى ويسر المبنى، كما كنتم أيضا خلال مساركم المبارك محققا مدققا في مجال التاريخ بحس الوطني الملتزم".

وأستطرد رئيس الجمهورية في رسالته بالقول: "وفي كل ذلك وغيره مما لا يسعه هذا المقام، أبرزتم في شخصكم الكريم نموذج الكاتب المؤلف المبدع الغيور على الأمة وأمجادها، المعتز بالانتماء إلى الجزائر وإلى شعبها الأبي، الحافظ لوديعة رفقائه من الشهداء الأبرار والمجاهدين الميامين، فلا غرو أن حظيتم اليوم بالتكريم والتقدير لأنكم أهل لذلك، بسلاح القلم وإنجازات الفكر. فهنيئا بهذا التشريف المستحق وأنتم ما تزالون تعكفون في محراب التأليف والبحث، تأكيدا لحكمة مقولتكم: (إذا عزم الإنسان على أن يحيا فلن يموت، لأن الذين يحيون حقا هم أولئك الذين يدفعون بالحياة إلى الأمام ويمنحونها معناها ويحررون الزمن من العقم والابتذال)".

وختم رئيس الجمهورية رسالته بالقول: "هنيئا لكم، وأنتم من مكانتكم الرفيعة في الجهاد والعلم، توشحون عن جدارة بوسام رتبة عهيد من مصف الاستحقاق الوطني".

من جهته، عبر العلامة الشيخ محمد صالح الصديق عن شكره لرئيس الجمهورية واعتزازه بهذا "التكريم الجميل عالي القدر".

ويعد الشيخ محمد الصالح الصديق قامة وطنية وواحد من أبرز رجالات الثورة الذين جاهدوا بالسلاح والقلم ولازالوا يدافعون عن الجزائر ووحدتها الوطنية في الحاضر والماضي.

وُلد محمد الصالح الصديق في 19 ديسمبر 1925 بقرية أبيزار التابعة لولاية تيزي وزو، في بيئة علمية ودينية كانت عاملا رئيسيا في تشكيل شخصيته الفكرية. حيث نشأ العلامة في كنف والده الشيخ البشير آيت الصدّيق إمام جامع إبسكرين، الذي كان له تأثير بالغ على مسيرة ابنه.

عندما اندلعت الثورة الجزائرية سنة 1954، كان محمد الصالح الصديق في طليعة المناضلين الذين وقفوا بجانب المجاهدين. وفي عام 1956 وبعد أن تم اكتشافه من قبل الاحتلال الفرنسي، تعرض للاعتقال والتعذيب، لكنه لم ينثن عن استمراره في النضال، فبعد إطلاق سراحه غادر الجزائر متوجها إلى تونس ثم إلى ليبيا، حيث تولى عدة مهام إعلامية هامة، من أبرزها تأسيس إذاعة صوت الثورة الجزائرية.

وألف الشيخ محمد الصالح الصديق أكثر من  150 كتابا في مختلف العلوم على غرار كتابه "مقاصد القرآن" ليتربع بذلك على عرش البلاغة والبيان بين كبار العلماء في الإسلام.