فهم إعلان المفوضية الأوروبية إدراج الجزائر في قائمتها للدول المعرضة لخطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب بأنها استهداف مباشر للجزائر من طرف لوبيات باريس.
وفي هذا السياق، أشار محللون إلى أن القرار المغلف بمعايير تقنية ومنهجية صارمة تتماشى مع عمل فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، يحمل خلفيات سياسية أو بالأحرى استهداف ماكر لشريك إقليمي لا يتوافق بالضرورة مع التوجهات السياسية أو الاقتصادية للاتحاد الأوروبي.
ومن شأن هذا القرار الذي يرجح أن لفرنسا اليد الطولي فيه، أن يؤثر بشكل كبير على العلاقات مع بروكسل في حال أصر الجانب الأوروبي على موقفه.
وتطرح تساؤلات عن تأثيره على حظوظ الجزائر في الخروج من القائمة الرمادية لمنظمة العمل المالي الدولي التي أدرجت فيها وإمكانية زحزحتها للقائمة السوداء، الأمر الذي سيحمل تداعيات خطيرة تشمل العقوبات المالية والقيود على المعاملات المالية الدولية وصعوبة الوصول إلى الأسواق الدولية.
وأكدت المفوضية في قرارها "أنه يتوجب على الكيانات التابعة للاتحاد الأوروبي والخاضعة لإطار العمل الأوروبي لمكافحة غسل الأموال، أن تطبّق مستوى رقابة معزّز عند إجراء معاملات تتضمن هذه الدول". وأكدت أن "هذه الخطوة تُعد ضرورية لحماية النظام المالي في الاتحاد الأوروبي".
ويخضع هذا القرار الذي تم الكشف عنه، مساء أمس، لتقييم الجانب الجزائري على مستويات عليا لاتخاذ الخطوات والرد المنهجي الذي يعدّ إنكارا للجهود التي بذلها في الأشهر الأخيرة على المستوى التشريعي عبر تحيين الإطار القانوني والتنظيمي للتوافق مع توصيات لجنة العمل في اجتماعها في جوان وأكتوبر 2024 للخروج من القائمة الرمادية، حيث تم الإعلان عن استراتيجية وطنية جديدة للوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتها وإدخال تعديلات تشريعية جديدة لتعزيز الجهود المبذولة تضمنها قانون المالية.
وكان ملف العلاقة مع مجموعة العمل المالي محل اهتمام على مستوى عال في الدولة بحكم أهميته، وتم تناوله في اجتماع سابق لمجلس الوزراء لـ 18 ماي الأخير، حيث أوصى الرئيس عبد المجيد تبون وفق بيان توج الاجتماع بـ"تنفيذ التوصيات وفق ما تحدّده قوانين الهيئة المالية الدولية على ضوء الخطوات الإيجابية التي حققتها الجزائر في السنوات الأخيرة، وهو ما تضمنته مختلف قوانين المالية التي جاءت في كنف الشفافية والنزاهة بشهادة مؤسسات مالية دولية وبالأخص فيما يتعلق بتطابق البيانات والمعطيات الاقتصادية للبلاد".
وفي مارس الماضي انعقد اجتماع اللجنة الوطنية لتقييم مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل في دورة غير عادية، في سياق المتابعة الدورية للأعمال الجارية على مستوى كل القطاعات المعنية بتنفيذ خطة العمل المتفق عليها مع مجموعة العمل المالي والمتضمنة 13 إجراء موصى به والمتعلقة بتحيين المنظومة الوطنية للوقاية من مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما وتحسين فاعليتها لضمان خروج الجزائر من قائمة الدول الخاضعة للمتابعة المعززة في أقرب الآجال".
بالموازاة مع ذلك، أطلقت ندوات مع مهن متدخلة في مجال مكافحة تبييض الأموال، أقيمت دورات تكوينية، منها دورة في ماي الفارط لصالح إطارات وأعوان الإدارة الجبائية، بهدف بناء كفاءات قادرة على مواكبة التحديات الدولية في مكافحة الجرائم المالية.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال