العالم

مأسسة العنف عبر "الفيلق الإفريقي" في مالي

تسعى روسيا إلى تغيير تواجدها في منقطة الساحل، الذي تجسد في "تعاون" عسكري، مدعوم بشركة أمنية خاصة.

  • 13023
  • 1:58 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

بالموازاة مع إعلان مجموعة "فاغنر" الروسية، الانسحاب من مالي، حيث كان عناصرها ينفذون عمليات عسكرية إلى جانب القوات الحكومية، وأحيانا بمعزل عنها، جرى الحديث عن بقاء أو تعزيز التواجد الروسي، عبر ما يسمى "الفيلق الإفريقي"، التشكيل شبه عسكري حكومي، بقوام 45 ألف عنصر.

 وأوكلت للفيلق "مهمة استشارية وتدريبية" لعدة دول من الساحل في إطار تعاقدي رسمي بين روسيا وحكومات الدول المعنية، وفق ما أعلنه التنظيم. وتسعى روسيا، على ما يبدو، إلى تغيير تواجدها في منقطة الساحل، الذي تجسد في "تعاون" عسكري، مدعوم بشركة أمنية خاصة تضم مقاتلين وقتلة مأجورين، موصوفين إعلاميا وشعبيا بالمرتزقة، ومعروف بأن نشاطهم عديم الأخلاق ولا يفرق بين مدني وعسكري ومسلح، وتلجأ إلى خدماتهم الحكومات للإفلات من الملاحقات القضائية الدولية، وللالتفاف حول جرائم محتملة ضد الإنسانية وجرائم حرب محتملة.

 وحمل تغيير قوة مرتزقة، بأخرى حكومية، دلالات ومؤشرات على رغبة روسيا في انتهاج سياسة جديدة في الساحل، تظهر مبدئيا في التحول من التواجد الميداني غير الرسمي المحدود، الذي يتخذ شكل حرب العصابات، وتم استعمالها من قبل حكام باماكو الجدد لتحييد الأزواد في شمال البلد، إلى تواجد رسمي ومؤسسي.

 لكن هذا التغيير، في تقدير مراقبين، لا يعني إنهاء الحلول العسكرية والعنيفة للمسائل السياسية وللأزمات الاجتماعية والإثنية، وإنما قد يعززها بشكل غير مباشر.

وتحدثت تقارير إعلامية، نقلا عن مصدر دبلوماسي، عن أن معظم أفراد "فاغنر" في مالي سيتم "إعادة دمجهم في الفيلق الإفريقي وسيتم الاحتفاظ بهم في الشمال وبالتحديد في محافظة كيدال الحدودية مع الجزائر في الجنوب، وفي العاصمة باماكو"، ما يعني، إذا صحّت التقارير، أن السلطات العسكرية الانتقالية تريد مأسسة وعسكرة طغيانها في البلد بإلغاء مظاهر المجتمع المدني.

 وتأكد هذا التوجه، عبر تصريحات مصدر عسكري مالي، تحدث لوكالة "فرانس برس"، قائلا إن "التعاون العسكري مع روسيا مستمر سواءً مع "فاغنر" أو غيره"، مؤكدا أن "موسكو تبقى شريكا استراتيجيا لباماكو في مجال التعاون العسكري". ومن المنتظر أن تتجسد هذه السياسة من الناحية العسكرية، في شكل تدريبات وتأهيل واستشارات، ستُكسب جيوش المنطقة تقنيات عسكرية بخصائص القوات الروسية، المؤهلة بشكل أساسي للحروب البرية والدفاعات الجوية، قياسا بخصائص القوات الغربية التي تتفوق في العسكرية البحرية والجوية.

 وعلى الصعيد السياسي، سيوفر التواجد "المؤسسي" الروسي، للكرملين هوامش أوسع في دول الساحل، لكن يظل دائما مقتصرا على الميدان العسكري، دونما اهتمام واضح بالشراكة الاقتصادية والتنموية والعلمية والمعرفية القائمة على مبدأ رابح رابح، ما يحوّل دول المنطقة إلى منطقة حرب بالوكالة بين العديد من القوى العالمية المتصارعة على ثروات إفريقيا.