العالم

"أسطول الصمود": تحالف إنساني عالمي لكسر الحصار على غزة

غزة تستدعي ذاكرة مانديلا.. وقافلة الصمود تبحر بالرمز والرسالة.

  • 2244
  • 2:52 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

أعلن "أسطول الصمود العالمي"، مساء الخميس، انضمام ماندلا مانديلا، حفيد الزعيم الجنوب إفريقي الراحل نيلسون مانديلا، إلى القافلة البحرية المتجهة نحو قطاع غزة، في خطوة لاقت صدى سياسيا وإنسانيا واسعا.

ويشارك مانديلا برفقة عشرة من مواطني جنوب إفريقيا، في امتداد لتاريخ بلاده النضالي ضد الفصل العنصري، ومساندتها المتواصلة للقضية الفلسطينية.

بدورها، أعلنت الممثلة الفرنسية، أديل إينيل، أنها ستبحر من تونس إلى قطاع غزة على متن أسطول "الصمود العالمي"، لتُرسل للفلسطينيين في القطاع المحاصر "رسالة مفادها أنّ الإنسانية لا تزال حاضرة".

وقالت الممثلة والناشطة لوكالة الأنباء الفرنسية، اليوم الجمعة: "في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة، قررتُ الصعود على متن إحدى السفن التابعة لمهمة أسطول الصمود العالمي الإنسانية". وقالت إينيل: "هدفنا توفير الغذاء والدواء لسكان غزة الذين يعانون من مجاعة تسببت بها الحكومة الإسرائيلية عمدًا".

ويرى مراقبون أن هذه المشاركة قد ترفع مستوى الاهتمام العالمي بالأسطول، وتزيد الضغوط الدولية على الكيان الصهيوني لإنهاء حصاره المستمر منذ أكثر من 18 عاما، ثم حرب إبادة جماعية يرتكبها ضد المدنيين الأبرياء من النساء والأطفال والعزل منذ 7 أكتوبر 2023.

أسطول متعدد الجنسيات

الأسطول الذي انطلق، الأحد الماضي، من موانئ برشلونة الإسبانية وجنوى الإيطالية، يضم عشرات السفن ومئات النشطاء من 44 دولة، بينهم الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ، بالإضافة إلى نواب أوروبيين وشخصيات عامة.

وقالت البرلمانية الفرنسية، ماري ميزمور، المشاركة في الأسطول، إنها والمشاركين لا يخشون التهديدات التي توجهها تل أبيب للأسطول، مؤكدة أن "مهمتنا هي الدفاع عن الحق في الحياة لكل الناس".

وفي مقابلة مع "الأناضول" في العاصمة تونس، قالت ميزمور، النائبة عن حزب "فرنسا الأبية"، إن "أسطول الصمود العالمي هو أكبر مبادرة شعبية سلمية لإعانة الفلسطينيين في غزة". وحثت الرئيس إيمانويل ماكرون على وصف ما يحدث في غزة بـ"إبادة جماعية"، وطالبته بمنع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، من العبور من المجال الجوي الفرنسي، وذلك عقب مذكرة التوقيف الدولية الصادرة بحقه لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بغزة.

وقالت ميزمور: "بما أن الحكومات لا تتحرك، فإننا ننتظم سلميا وذاتيا بعشرات القوارب، وبطريقة معبّرة وبإيمان عميق من أجل إغاثة الشعب الفلسطيني".

ومن المرتقب أن تلتحق بالأسطول قافلة أخرى من تونس، إضافة إلى سفينة الإنقاذ الإيطالية "لايف سبورت" التابعة لمنظمة "إيميرجنسي". هذا التنوع في المشاركين يعكس اتساع رقعة التضامن مع الفلسطينيين، وتحول القضية إلى ملف ضاغط في الرأي العام الدولي.

ضغوط سياسية تحرك ميلوني

من جهتها أكدت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، أن حكومتها ستتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان سلامة المواطنين الإيطاليين المشاركين في القافلة.

وجاء ذلك ردا على مخاوف أبدتها المعارضة الإيطالية من تعرض مواطنيها لمخاطر، بعد أن كشفت صحف عبرية عن خطة أعدها وزير الأمن القومي الصهيوني المتطرف، إيتمار بن غفير، لمعاقبة المشاركين، عبر مصادرة السفن وسجن النشطاء لفترات طويلة في ظروف قاسية.

ما وراء المساعدات الإنسانية

القائمون على المبادرة شددوا على أن هدف القافلة لا يقتصر على إيصال المساعدات إلى غزة، بل يتجاوز ذلك إلى كسر الصمت الدولي وفضح سياسة "التجويع الممنهج" التي تمارسها حكومة الكيان المحتل بدعم أمريكي.

ويأتي هذا التحرك في ظل استمرار المجاعة داخل القطاع بعد إغلاق الاحتلال لجميع المعابر منذ مارس، ما أدى إلى وفاة مئات الفلسطينيين، بينهم عشرات الأطفال، إضافة إلى عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023.

دلالات أوسع

إن مشاركة شخصيات رمزية مثل ماندلا مانديلا وغريتا ثونبرغ تمنح الأسطول زخما سياسيا وإعلاميا مضاعفا، يعيد الربط بين نضالات الماضي والحاضر، خاصة وأن رمزية مانديلا تذكر بأن مقاومة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا بالأمس تشبه معركة الفلسطينيين اليوم ضد الاحتلال والحصار.

ومع اقتراب القافلة من وجهتها، بحيث يترقب وصولها إلى سواحل غزة منتصف سبتمبر الجاري، يبقى السؤال مفتوحا: هل ينجح "أسطول الصمود" في كسر الحصار فعليا، أم سيواجه نفس المصير الذي لاقته قوافل سابقة تم اعتراضها بالقوة؟