العالم

كاليدونيا.. أول اتفاق نحو الاستقلال النهائي عن فرنسا

بعد اتفاق القوى السياسية في الأرخبيل مع السلطات الفرنسية، على إنشاء دولة ضمن الدولة الفرنسية.

  • 3314
  • 1:57 دقيقة
ح.م
ح.م

وضعت المستعمرة الفرنسية كاليدونيا، أو الإقليم الذي جعلته فرنسا منفى لمئات الجزائريين، خلال حقبة الاستعمار، أول قدم على طريق الاستقلال النهائي، إثر اتفاق القوى السياسية في الأرخبيل المتواجد جنوبي المحيط الهادئ، مع السلطات الفرنسية، أمس السبت، على إنشاء دولة ضمن الدولة الفرنسية، مع استحداث جنسية خاصة بها، إلى جانب العديد من البنود.

جرى الاتفاق بعد عشرة أيام من اللقاءات بين القوى السياسية الكاليدونية والسلطات الفرنسية في ضواحي باريس، وتمخض عن اتفاق موصوف بالتاريخي في وسائل الإعلام الفرنسية التي تتبنى وتدعم السردية الرسمية بشكل آلي في مثل هذه الشؤون.

وبالرغم من أن الاتفاق قاد إلى تأسيس الدولة التي كانت في الماضي القريب مرفوضة ومستحيلة، بتعبير المفكر وائل حلاق، بالنسبة للفرنسيين، إلا أن الوثيقة، التي كشفت عن بعض تفاصيلها جريدة "لوموند"، أبقت على الدولة المسماة "كاليدونيا الجديدة" ضمن الجمهورية الفرنسية، وهو وضع "غريب" يعكس تمسك الفرنسيين بالاستعمار إلى آخر رمق، ومحاولة للالتفاف على إرادة الشعوب.

وحدد "حل الدولتين" الذي جرى في بلدة بوجيفال، غربي باريس، العلاقة بين "المنفى" وباريس، ومهد لتأسيس نظام سياسي جديد في الأرخبيل يتمتع بـ"حكم ذاتي موسّع"، وهو مسار يعد أولى نتائج النشاط الاستقلالي الذي تكثف في السنوات الأخيرة في الإقليم التابع لفرنسا، وشهد مظاهرات ومسيرات انتهت بمواجهات مع قوات حفظ النظام، أسفرت عن مقتل 14 شخصا وتسببت بأضرار تجاوزت قيمتها ملياري أورو، وفق تقديرات غير رسمية.

وينص الاتفاق على إدراج هذا الوضع الجديد ضمن الدستور الفرنسي، مع إنشاء جنسية كاليدونية تمنح السكان صفة مزدوجة، فرنسية وكاليدونية. كما يتضمن حزمة من الإصلاحات الاقتصادية، تستهدف القطاعات الحيوية في كاليدونيا الجديدة، وعلى رأسها صناعة النيكل التي تُعد ركيزة الاقتصاد المحلي.

ومن أبرز ما ورد في الاتفاق، منح برلمان كاليدونيا الجديدة صلاحية طلب تولي بعض السلطات السيادية من باريس، بما في ذلك مجالات الدفاع والأمن والقضاء والاقتصاد.

كما ستنقل فورا صلاحية العلاقات الخارجية إلى الحكومة المحلية، في حين يظل "حق تقرير المصير" مكفولا وفق القانون الدولي. وبينما يرى ائتلاف "الموالون" وحزب "التجمّع"، القوى السياسية المناهضة للاستقلال، في بيان مشترك، أن "الاتفاق تاريخي"، اعتبر دعاة الاستقلال أن الحدث استوجب تنازلات مؤلمة، وأن "هذا الخيار يحترم الإرادة السيادية التي عبّر عنها سكان كاليدونيا" في الاستفتاءات الثلاثة حول الاستقلال في أعوام 2018 و2020 و2021، بالرغم من "تحويل كيان كاليدونيا الجديدة إلى دولة مدمجة ضمن الكيان الوطني الفرنسي".

ونقلت "لوموند" عن وزير الأقاليم الفرنسية ما وراء البحار، مانويل فالس، أن هذا الاتفاق "أساسي من أجل ضمان الاستقرار السياسي وإعادة بناء كاليدونيا الجديدة اقتصاديا واجتماعيا"، مضيفًا أن "جميع الأطراف قدّمت تنازلات مؤلمة للوصول إلى هذا الحل الوسط".