العالم

مذكرة تونسية تطالب فرنسا بالاعتراف والتعويض عن جرائم الاستعمار

من بداية الاحتلال عام 1881 وحتى استقلال البلاد.

  • 233
  • 2:29 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

أعادت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة في تونس، المعنية بالعدالة الانتقالية في فترة ما قبل الثورة التونسية، نشر مذكرة رسمية وجهتها هذه الهيئة الدستورية (انتهت عهدتها) إلى الحكومة الفرنسية للمطالبة بالتعويضات المستحقة للضحايا التونسيين عن انتهاكات حقوق الإنسان والحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تعرض لها التونسيون زمن الاحتلال الفرنسي لتونس منذ عام 1881 وحتى استقلال البلاد، وتحميل الدولة الفرنسية مسؤوليتها تزامنا مع إقرار المجلس الشعبي الوطني قانون تجريم الاستعمار.


وتطالب المذكرة الدولة الفرنسية بالاعتراف بالوقائع وتقديم الاعتذار ودفع تعويضات مالية للضحايا الأفراد والمناطق المتضررة وباتخاذ الإجراءات المناسبة لجبر الضرر الذي لحق بالضحايا التونسيين، فيما يتعلق بالانتهاكات المتعددة وكذلك الدولة التونسية كضحية للأحكام الاحتلالية غير العادلة وإعادة الأرشيف التونسي من 1881 إلى 1963 إلى تونس وإلغاء الدين الثنائي التونسي كونه دينا غير شرعي نتج عن الاحتلال، ودعت إلى تشكيل لجنة وطنية لتقدير الأضرار. واستندت الهيئة إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ في 16 ديسمبر 2005 المتعلق بالمبـادئ الأساسية بشأن الحق في الانتصـاف وجبر الضرر أو التعويض لضـحايا الانتـهاكات الجسـيمة للقـانون الـدولي لحقـوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي.


وعددت الوثيقة جملة جرائم الاستعمار الفرنسي لتونس، بدءا بإغلاق عشر المدارس القرآنية لتجهيل التونسيين، إلى وضع سياسة ضريبية تمييزية في خدمة السلطة الاستعمارية، ما أدى إلى إفقار الفلاحين والاستيلاء على الأراضي من قبل المستوطنين الفرنسيين وانتهاج سياسة الترويع والأرض المحروقة، خاصة بين سنوات 1952 إلى 1955، وهي الفترة التي أقرت فيها فرنسا حالة الطوارئ في تونس، ممارسة التعذيب بشكل ممنهج وفق قرارات عسكرية رسمية وفرض الحصار وإنشاء المحاكم العسكرية واغتيال قادة الحركة الوطنية، حيث اغتيل فرحات حشاد في الخامس ديسمبر 1952 والهادي شاكر في 13 سبتمبر1953، ثم بعد ذلك اغتيل الدكتور عبد الرحمن مامي ونفذت عمليات انتقامية جماعية في تونس وسوسة وماطر.


وتكشف الوثيقة ارتكاب الجيش الفرنسي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال هذه الفترة، ما تسبب في قتل أكثر من سبعة آلاف ضحية تونسية.

وكشفت هيئة الحقيقة والكرامة أنها تلقت 5052 شكوى، منها 3 شكاوى جماعية تتعلق بانتهاكات رافقت خروج الاستعمار الفرنسي بما في ذلك ملف الجرائم التي حدثت في بنزرت سنة 1961 وقصف جبل أقري بتطاوين وجبل بوهالل بڤفصة وقبلي بين شهري ماي وجويلية 1956، ما أدى إلى استشهاد 1500 تونسي.
وتتعلق مطالبات الوثيقة التي أرسلتها الهيئة إلى الحكومة الفرنسية بقصف ساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958 وبمقتضى "حق التتبع والملاحقة" الذي وافق عليه مجلس الوزراء الفرنسي ضد المقاومين الجزائريين، حيث قصفت القوات الجوية الفرنسية قرية ساقية سيدي يوسف الحدودية موقعة 80 شهيدا وعشرات الجرحى، بينهم تلاميذ استهدف الطيران مدارسهم. كما تطالب الوثيقة الدولة الفرنسية بالتعويض عن استغلال المعادن في إطار سياساتها الاقتصادية الاستعمارية، حيث شكلت فرنسا عشرات الشركات ومنحتها امتيازات وحقوق استغلال لاحتياطيات المعادن ورخص لاستكشاف واستغلال الموارد الطبيعية والمعدنية.


ويكشف ذلك حجم الجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في تونس كما في الجزائر، رغم أن وضع تونس كان مختلفا كحماية مقارنة مع وضع الجزائر كمستعمرة، لكن هذه المبادرة التونسية التي تزامنت مع تصويت المجلس الشعبي الوطني بالجزائر على قانون تجريم الاستعمار من شأنها أن تدفع نخبا سياسية ومؤرخين تونسيين إلى تبني الفكرة ودعم مسعى في اتجاه تجريم تشريعي للاستعمار الفرنسي في تونس والتفكير مستقبلا في إمكانية توحيد مساعي وجهود استعادة الحقوق التاريخية للشعبين من المستعمر السابق.