+ -

إذا صح ما قاله الفريق ڤايد صالح من أن الفريق توفيق والسعيد بوتفليقة قد رتبا مع طرطاڤ والأجانب وزروال انقلابا على الجيش، إذا صح هذا الأمر فإنه يكون ثاني انقلاب في التاريخ يقوم به المدنيون ضد العسكر، حتى ولو كان هؤلاء المدنيون هم عساكر متقاعدين، وهو انقلاب ضد الطبيعة.. فالأصل في الانقلاب أن يحدثه العسكر ضد المدنيين وليس العكس! ومعنى هذا الكلام أن وضع الجزائر أصبح يشبه وضع إفريقيا الوسطى في عهد بوكاسة، حين قام بوكاسة بإنجاز انقلاب ضد الطبيعة وضد التاريخ، بحيث وجد بوكاسة بلاده جمهورية فأطاح بها في انقلاب ضد التاريخ البشري وحولها إلى إمبراطورية! والمصيبة أن حالة بوكاسة تشبه فعلا حالة الجزائر.. فأصابع فرنسا في انقلاب بوكاسة إفريقيا الوسطى موجودة كذلك في انقلاب بوكاسات الجزائر!بقي فقط أن نعرف الألماسات التي كان يريد بوكاسة الجزائر تسليمها إلى مدام ماكرون، مثلما سلم بوكاسة إفريقيا الوسطى الماسات لمدام جيسكار ديستان؟!لست أدري لماذا يقدم حكام الجزائر هذه الصورة الكاريكاتورية البوكاسوية بخصوص صراعهم على السلطة؟! فالناس يعرفون أن الأمر لا يتعلق بانقلاب فريق ضد فريق آخر... لأن الفريقين كانا على اتفاق تام بإنجاز العهدة الخامسة، ولكن الشعب الذي خرج إلى الشارع هو الذي قلب الطاولة على الجميع.. وعوض أن يتضامن هؤلاء في مواجهة مصيرهم كما يفعل الرجال، صاح فريق منهم بتآمر على الآخر لتسليم خصمه إلى الشعب، مقابل أن يخرج هو من الموضوع كالشعرة من العجين. ومن هنا قد تظهر هذه العملية الهامة على أنها فيلم هندي!كلنا يتذكر أن الاتفاق الذي تم بين الجيش وجماعة بوتفليقة في 1999 كان مضمونه أن يبقى بوتفليقة ما شاء في الحكم... وربما مدى الحياة... لكن عندما تنتهي مهمته يعيد الأمانة إلى صاحب الأمانة وهو الجيش ولا يسلمها لغيرهم من المدنيين... لأن هذا حصل مع الشاذلي في 1979 – 1992، وحصل مع زروال سنة 1999، وها هو يحصل مع بوتفليقة سنة 2019... فالخطأ الذي ارتكبه بوتفليقة وجماعته هو أنه اعتقد بأنه أفسد الجيش بصورة تسمح له بأن يسلم السلطة لغيره حتى ولو ثار الشعب ضد الاثنين!في جميع الحالات، فإن ما يحدث بين قيادة الجيش والذراع الأمني والمالي للسلطة في هذه الأيام هو شيء إيجابي ولابد أن نثمّنه.. فمهما كانت نتائج هذه المعركة فإن الشعب الذي يتواجد في الشارع لابد أن يحسم الأمر لصالح نقل السلطة بصورة فعلية إلى المدنيين هذه المرة... وإذا لم تستجب المؤسسة العسكرية لهذا الطلب الشعبي، فسوف تجد نفسها في مواجهة واقع جديد لا قبل لها به. فالمدنيون الذين رحلوا والعساكر الذين تمت التضحية بهم لا يصلحون قرابين لإنقاذ فقدان المؤسسة العسكرية لحقها في تعيين الرؤساء الذي استمر 70 سنة، منذ الإطاحة بمصالي وجماعته... قد تكسب المؤسسة العسكرية بهذه العملية تعاطف الشارع معها، لكن لن يصل الأمر إلى حد تفويضها مرة أخرى لاختيار رئيس للبلاد... والحكمة تقتضي السماح للشعب بأخذ مصيره[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات