أشلاء أطفال غزة تفتح شهية فرنسا الاستعمارية

38serv

+ -

بالتزامن مع وصول عدد الشهداء إلى 6 آلاف غالبيتهم من الأطفال والنساء وصل الرئيس الفرنسي إلى تل أبيب ملتحقا بالشركاء في العدوان، أمريكا وبريطانيا، ليعلن في خطاب منحاز حنينه إلى الزمن الاستعماري قبل أن يدفع فاتورة حرب بلاده على الجزائر.

قرر الرئيس الفرنسي أن ينضم إلى غرفة العمليات المركزية في تل أبيب لإدارة العدوان على أطفال غزة ويتبنى الرواية الإسرائيلية، بل وبناء مظلة سياسية وعسكرية تحمي حرب الإبادة التي تقودها حكومة نتنياهو على الشعب الفلسطيني. زيارة ماكرون إلى إسرائيل يجب أن تشكل تشكيكا عميقا في التاريخ الفرنسي الداخلي، لأنه من اليوم على الدولة الفرنسية إعادة النظر في تاريخ "مقاوميها" ضد الاستعمار الألماني لباريس وإعادة مبادئ الثورة الفرنسية إلى نقطة الصفر، فلا فرق بين من قاوم الغزو الألماني للأراضي الفرنسية والمقاتلين الفلسطينيين الذين يواجهون الاحتلال الإسرائيلي.

اليوم على فرنسا إعلان البراءة من قيم حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية المؤسسة لقيم الحرية والحقوق وإعلاء صوت القانون، لأن إسرائيل قررت أن تكون فوق كل القوانين وتضرب بها عرض الحائط. إن بحر الدماء في غزة لن يغفر لعاصمة الحشرات هذا الوقوف الأعمى مع مجموعة من القتلة والمجرمين في الحكومة الإسرائيلية

فرنسا اليوم تؤكد في عهد "الأرجوز" الذي يمارس الخداع في كل الاتجاهات أنها دولة تنتمي إلى محور الأشرار دون العودة إلى ماضيها الاستعماري في سوريا ولبنان والمغرب الكبير، بل كل مواقفها الحديثة من الثورة في تونس ومساعي الجزائر لممارسة دورها السيادي الكامل في شمال إفريقيا والاستفادة القصوى من الموارد الجزائرية الوطنية.

لعنة أطفال غزة تذكر بالموقف الفرنسي من الحرب الدامية في العراق، فما زال الموقف الفرنسي يعبر عن عداء لكل ما هو عربي، بعد التناقض الذي أظهره في التعامل مع المواطنين الفرنسيين من أصل مغاربي أو التنكيل بالقيم الدينية للمسلمين.

يبدو أن فرنسا نسيت أن الجنود الإسرائيليين الذين طردهم نفس الرئيس من أمام الكنيسة في القدس خلال زيارته قبل ثلاثة أعوام هم الذين يقتلون الأطفال في غزة وجنين وينكلون بالمصلين في القدس، سواء مسلمين أو مسيحيين، وهنا نتساءل: ما هو موقف باريس من استهداف الكنائس في غزة؟

يبدو أن فرنسا الاستعمارية تنسى بسرعة "القيم والمبادئ" عندما يتعلق الأمر بدولة الاحتلال التي تعد مقدسة أكثر من أي شيء آخر، لو كنت مواطنا فرنسيا سأشعر بالخزي أمام مواقف ماكرون وزيارته لدولة تمارس الإبادة بحق الأبرياء والعزل، دولة لم تعد تقبل بحرية التعبير وتغضب من المظاهرات التي خرجت في باريس لنصرة غزة. والسؤال: ماذا لو كانت المظاهرات خرجت لصالح أوكرانيا؟ الغرب اليوم قرر التنكر لكل قراراته في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، فلا قيمة لها عندما يتعلق الأمر بالمشروع الاستعماري المستمر حتى الآن المسمى "إسرائيل". لن يمحو عار فرنسا كل محاولات التشدق بالعدالة وحقوق الإنسان ورئيسها يدافع عن قتل 3 آلاف طفل ويحمي حكومة يمينية متطرفة بقيادة فاسد حسب القضاء الإسرائيلي.

عندما يكون الحديث عن المقدس العربي تسقط كل الاعتبارات الفرنسية فلا قيمة لعصر التنوير وقيمة الإنسان وقوانين الحرب، حتى الكنائس واستهداف المسحيين، كل شيء لا قيمة له تحت ضغط اللوبي الصهيوني.

المجازر الإسرائيلية في غزة تداعب الروح الاستعمارية لدى قادة باريس وتشعل فيهم الحنين للاستعمار بعدما فشلت فرنسا في العبث بالدولة الليبية وسال لعابها على نفط هذا البلد، لأن فرنسا لا تريد خلع مشروع الاستعمار المتحور في عقلها وحسابات أطماعها الجشعة، لأنها تنظر إلى الدم الفلسطيني وقبله اللبناني والعراقي كما نظرت إلى دماء الأبرياء في خراطة وڤالمة وسطيف.

إذا أرادت فرنسا التعبير عن غضبها من ثوار الجزائر الذين هدموا معبدها الشيطاني فعليها إرسال "النابالم" لإسرائيل لتلقيه فوق أطفال وبيوت وأشجار غزة لأن المعادلة واضحة، باريس تساوي تل أبيب.

 

كلمات دلالية: