38serv

+ -

تسارعت الأحداث في هذين الأسبوعين، وتداخلت المواقف، وما ميّزها هو تتابع رسائل التأييد والتهنئة والتزكية، رسائل ما كان لها أن تكون في دولة ديمقراطية محترمة، رسائل بسم الرئيس الذي أصبح رئيس حزب جبهة التحرير، ورسائل باسم الجيش للحزب نفسه، وحزب يعود من بعيد ليحمل نفس الرسالة، كلها تصب في اتجاه واحد، السهر على تطبيق برنامج رئيس الجمهورية أطال الله بقاءه.. يا جماعة هل نحن داخلون على حرب تحرير جديدة؟ لكن يا ليت تعود لنا تلك الروح النوفمبرية، لتحررنا ليس من فرنسا، بل من تخلّفنا واستعبادنا وفسادنا واعوجاج من يحكمنا، هذا النظام الذي ينشد الخلود ويدفع شعبا بأكمله إلى اليأس من التغيير..تستوقفني وقد تستوقف الكثيرين، تلك المقولة الرائعة للخليفة أبي بكر الصديق، عندما اشتد حزن المسلمين على فراق الرسول (صلى الله عليه وسلم)، حين صرخ فيهم بكل ثقة ”من كان يعبد محمدا، فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت”. نقرأ هذا القول الحكيم والعميق، ونحن نرى ذلك التهافت والنفاق السياسي والاجتماعي والمصلحي باسم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ولأجل الرئيس وبرنامج الرئيس على كل المستويات، خاصة المحيطين به والمتمسكين بمقاليد السلطة. ولا أعلم هل عندما يموت الرئيس، ولا نتمنى له الموت، مهما كنا نخالفه الرؤى والتوجهات، لكنه اليقين، فكل نفس ذائقة الموت، أقول لو مات الرئيس (أطال الله عمره وأمدّه بالصحة لأهله وناسه) أين نضع هؤلاء؟ هل نفتح لهم ولأحزابهم دكاكين على قارعة طريق ”مقبرة العالية”، وليتمّوا هناك دعمهم للرئيس وبرنامجه، أم نقيم عليهم العزاء مباشرة بعد دفنه وندفنهم معه، كما كان يفعل الفراعنة حين يموت فرعون، يدفنون معه كل حاشيته وزوجته ومن يسقيه ومن يحرسه والأقرب إليه، حسب معتقدهم الذي يقول إن هناك حياة أخرى تنتظرهم، أو نترك لهم شرف الانسحاب من الساحة، إن كان للسياسة في هذا الزمن الأغبر شرف.. وأكثر من هذا وبما أنكم أيها المتشدقون (الشياتون)، تقولون إن الجزائر ستنتهي لو ذهب الرئيس، ولن تقوم لها قائمة لو فكرنا في تغييره، فرضا أن هذه حقيقة، فهل إذا مات الرئيس نحملكم على طائرات ونرميكم في أي بلد لتقضوا ما بقي من حياتكم هناك، لأن الجزائر لم تعد موجودة حسب منطقكم، أو نرمي بكم في البحر لتأكلكم الحيتان، كما أكلت وتأكل شبابنا وفلذات أكباد كثير من الجزائريين، فضلوا الموت بعد أن أرهقهم العيش في بلد حكمتموه بالنهب والسطو والفساد؟أيها السادة والسيدات المحترمون منكم وغير المحترمين، إن مآل الرجل مهما طال عمره إلى قبر يضمه ولحد يغطيه وقماش من مترين يلفه، وإن مآل ما تقولون اليوم إلى الأرشيف، حيث سيحكم عليكم التاريخ مهما طال بقاؤكم.. وستلعنكم الأجيال جيلا بعد جيل، ولنا في التاريخ عبرة، فنحن اليوم أحفاد الأندلسيين نلعن أولائك الذين أضاعوا الأندلس من أجداد الكثيرين منا أمازيغ وعرب، لأنهم تفرقوا ووضعوا مصالحهم الضيقة فوق مصلحة بقاء الأمة، فقتلوا الحلم وهدموه، واليوم ندفع بالعملة الصعبة، لنتجول بين أروقة قصوره ونستمتع بجمالية ما صنعه أجدادنا، والخوف كل الخوف أن تكون هذه حال أجيالنا القادمة مع كل شبر في هذا الوطن.. إن الرئيس بوتفليقة ميت لا محالة، والجزائر ستبقى، ولن تجدوا وطنا يضمكم بعدها سوى قصاصات الجرائد تحكي عنكم، فلكم أن تتريّثوا وتنظروا في أي طريق أنتم سائرون.. إن الشعب إلى اليوم ما زال متمسكا بقليل من الأمل، وهو يدرك أن الرئيس يريد أن يرحل من فوق كرسي الرئاسة، ولكن التغيير منشده ومقصده، فإن فقد الشعب هذا الأمل وأصابه اليأس، فلكم أن تتصوروا ماذا سيفعل فاقد الأمل.. وتذكروا دائما من كان يعشق عبد العزيز، فإن عبد العزيز سيموت ومن يعشق وطنه الجزائر، فالجزائر قائمة ما دام هناك في هذا الشعب نبض صادق[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات