عشية الدخول المدرسي الجديد، كشفت منظمة اليونيسف و”اتحاد الفاعلين في التضامن” (FAS) عن أرقام صادمة: 2,159 طفلا ينامون في العراء عبر فرنسا، من بينهم 503 دون سن الثالثة.
الأخطر أن التقرير، الذي صدر يوم الخميس 28 أوت 2025، أشار إلى تسجيل 38 حالة وفاة بين القاصرين في عام 2024، نتيجة ظروف التشرد وانعدام المأوى.
هذا الواقع المأساوي يأتي بعد ثلاث سنوات فقط من تعهد الحكومة الفرنسية، سنة 2022، بإنهاء ظاهرة الأطفال بلا مأوى والوصول إلى الهدف المعلن آنذاك وهو “صفر طفل في الشارع”.
غير أنّ المؤشرات الميدانية تثبت العكس، حيث ارتفع عدد الأطفال المشردين بنسبة 30% مقارنة بما كان عليه عند إطلاق الوعد الحكومي.
أزمة اجتماعية خانقة
الأرقام تكشف عن أزمة اجتماعية متفاقمة في بلد يُفترض أنه من أكثر الدول ثراءً في أوروبا. فالأطفال، الذين يمثلون الحلقة الأضعف، يواجهون ظروفاً مأساوية: نوم في العراء، غياب الرعاية الصحية الأساسية، وانعدام الحق في التعليم المستقر. هذه الوضعية لا تهدد فقط مستقبل هؤلاء الصغار، بل تعكس كذلك فشلا بنيويا في السياسات الاجتماعية الفرنسية.
اليونيسف تدق ناقوس الخطر
اليونيسف شددت على أن هذه الأوضاع لا تليق بدولة عضو في الاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن الحق في السكن جزء لا يتجزأ من حقوق الطفل الأساسية. وحذرت من أن الاستمرار في تجاهل الأزمة قد يؤدي إلى تزايد معدلات الوفيات، وتفاقم ظاهرة الإقصاء الاجتماعي لأجيال بأكملها.
تحدٍ سياسي وأخلاقي
القضية لم تعد مجرد إحصاءات، بل تحولت إلى اختبار أخلاقي وسياسي للحكومة الفرنسية..فالوعود لم تترجم إلى سياسات فعالة على أرض الواقع، بل زادت المعاناة. الجمعيات الإنسانية والفاعلون الاجتماعيون يطالبون بضرورة وضع خطة طوارئ عاجلة، تشمل توفير مراكز إيواء مؤقتة ودائمة، وتخصيص ميزانيات حقيقية لمعالجة أزمة السكن الاجتماعي.
خلاصة القول، تواجه فرنسا، التي طالما قدّمت نفسها كمدافع عن حقوق الإنسان، اليوم مفارقة موجعة: أطفال يولدون ويعيشون ويموتون في الشارع، فيما تتزايد الانتقادات الداخلية والدولية لفشل الدولة في حماية أضعف فئات المجتمع.

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال