ثقافة

"التبادل الثقافي ركيزة أساسية لتعزيز الاحترام وبناء جسور التواصل مع الجزائر"

السفيرة الأمريكية بالجزائر إليزابيث مور أوبين في حوار مع "الخبر".

  • 814
  • 6:36 دقيقة
الصورة: ح.م
الصورة: ح.م

حاورتها: لامية أورتيلان

أكدت السفيرة الأمريكية بالجزائر، السيدة إليزابيث مور أوبين، أن تطوير وتعزيز قدرات الشباب الجزائري يشكل أولوية جوهرية لعمل سفارتها، مشيرة إلى أن هذه الرؤية تتجسد من خلال التركيز على بناء جسور التواصل المباشر بين أبناء الشعبين الجزائري والأمريكي. وقالت في حوار لـ"الخبر" أن "برامج التبادل الثقافي تشكل ركيزة أساسية في علاقاتنا الثنائية، حيث تعزّز الاحترام المتبادل والتفاهم والتعاون، وتساهم في بناء جسور تواصل دائمة بين مجتمعينا. ونؤمن بأن لهذه البرامج أثر إيجابي ومستدام على العلاقات الجزائرية- الأمريكية"، كما أعربت السفيرة عن فخرها بالمستوى المتميز للشراكة مع المؤسسات الجزائرية الرسمية والأكاديمية، معتبرة أن هذا التعاون الوثيق هو الضامن الحقيقي لنجاح البرامج وملاءمتها للاحتياجات الوطنية. كما أشادت بالطموح الكبير الذي يتحلى به الشباب الجزائري والرغبة الصادقة لدى الأساتذة في تطوير أدائهم.

وذكرت أن برامج السفارة التعليمية، مثل منح "فولبرايت" وتبادل الأساتذة والتكوين المهني، بالإضافة إلى الأركان الأمريكية المنتشرة عبر عدة ولايات، تُعد خيارات عملية تُترجم هذا الالتزام إلى واقع ملموس، وتساهم في تهيئة كفاءات جزائرية قادرة على المساهمة في بناء المستقبل

ما هي أبرز البرامج التعليمية التي تدعمها السفارة الأمريكية لتحسين مهارات اللغة الإنجليزية لدى الجزائريين، لاسيما الشباب؟

تلتزم السفارة الأمريكية بدعم جهود الجزائر الرامية إلى تعزيز إتقان اللغة الإنجليزية من خلال مجموعة واسعة من المبادرات والشراكات، ونعمل بشكل وثيق مع جميع الأطراف المعنية لضمان أن تكون برامجنا شاملة وذات أثر ملموس.

توفر الفروع الأمريكية للتكوين التابعة لنا في الجزائر العاصمة وقسنطينة ووهران وورقلة وبشار، أنشطة مجانية تمكّن الجزائريين من ممارسة اللغة الإنجليزية وتطوير مهاراتهم المهنية.

كما نقوم بإيفاد مختصين أمريكيين في اللغة الإنجليزية إلى مؤسسات تعليمية في مختلف أنحاء البلاد للتعاون مع الأساتذة المستقبليين وتوجيههم، بما يعزّز القدرات التعليمية على الصعيد الوطني، ويعمل حاليا مختصون أمريكيون في الجزائر العاصمة والعلمة ووهران، وقد سبق أن تم إيفاد خبراء إلى الأغواط وقسنطينة وورقلة ومناطق أخرى، ما يبرهن تجسيد التزامنا بدعم مختلف مناطق الجزائر.

ومن خلال مشروع "LINK"، نوفر تكوينا في اللغة الإنجليزية لمئات الإطارات والموظفين الحكوميين الجزائريين، باستخدام أساليب حديثة وتواصلية تعزز المهارات العملية اللازمة للتفاعل المهني والدولي. ويستفيد أكثر من ألف جزائري سنويا من مبادرات السفارة الأمريكية في مجال تعليم اللغة الإنجليزية، سواء حضوريا أو عبر الانترنيت.

هل توفر السفارة دورات تدريبية للأساتذة الجزائريين لتحسين مناهج تدريس اللغة الإنجليزية؟ وإذا كان الأمر كذلك، كيف يمكن الالتحاق بها؟

نعم، تلتزم السفارة الأمريكية بدعم التطوير المهني لأساتذة اللغة الإنجليزية في الجزائر من خلال مجموعة متنوعة من البرامج والمبادرات، ومن الأمثلة الحديثة على ذلك المؤتمر الدولي "TESOL Dzair" الذي اختُتم مؤخرا في بسكرة. وقد نُظم هذا المؤتمر بالشراكة مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة التكوين والتعليم المهنيين، والمجلس الثقافي البريطاني، ومنظمة" World Learning"، الذي جمع أكثر من 900 أستاذ وباحث وإداري في مجال تعليم اللغة الإنجليزية من داخل الجزائر وخارجها.

وركز المؤتمر على أساليب التدريس المبتكرة، حيث تمحور موضوع دورة هذا العام حول الدور التحويلي للذكاء الاصطناعي في الفصول الدراسية. وشارك الحضور في ورشات عمل وجلسات نقاش ولقاءات مهنية لتبادل أفضل الممارسات وأحدث الأبحاث في تعليم اللغة الإنجليزية.

وبالإضافة إلى الفعاليات الكبرى مثل "TESOL Dzair"، تقدم السفارة بانتظام ورش عمل وندوات وبرامج تبادل مخصصة للأساتذة.

هل توجد شراكات قائمة بين السفارة ومؤسسات تعليمية جزائرية لتعزيز تعليم اللغة الإنجليزية؟

بالتأكيد. فجميع برامجنا موجهة للجزائريين وتستجيب مباشرة لاحتياجات الجزائر وأولوياتها، ولهذا يتم تنفيذها بالتعاون الوثيق مع الشركاء الجزائريين. تعمل السفارة بشكل وثيق مع الوزارات والجامعات الجزائرية لدعم وتعزيز تعليم اللغة الإنجليزية، فعلى سبيل المثال، تساهم شراكتنا مع وزارة التعليم العالي وكلية المعلمين بجامعة كولومبيا في تحسين تدريس اللغة الإنجليزية على المستوى الجامعي.

كما نتعاون مع الجامعات والمدارس المحلية من خلال الأركان الأمريكية ومبادرات أخرى بهدف توسيع فرص الوصول إلى تعليم نوعي للغة الإنجليزية عبر مختلف أنحاء البلاد. ويُعد مشروع "LINK" نموذجا قويا للشراكة، حيث يستمر منذ ست سنوات ويضم مشاركين من أكثر من 20 وزارة، حيث يوفر تدريبا في اللغة الإنجليزية للمسؤولين الحكوميين ويدعم مشاركة الجزائر في المحافل الدولية.

كيف تدعم السفارة المبادرات الرقمية لتعليم اللغة الإنجليزية، لاسيما في المناطق النائية من الجزائر؟

تلتزم السفارة بتوسيع وتعزيز فرص التعلم الرقمي للغة الإنجليزية، نوفر مجموعة متنوعة من الموارد الرقمية، بما في ذلك ورش عمل افتراضية، ومنصات التعليم الإلكتروني، والدورات المفتوحة عبر الانترنيت (MOOCs)، وبرامج مفتوحة مصممة خصيصا للمهنيين.

كما نتيح الوصول إلى مكتبتنا الإلكترونية في جميع الأركان الأمريكية، ويتضمن مؤتمر "TESOL Dzair" ندوات عبر الانترنيت، ما يتيح للأساتذة في مختلف أنحاء الجزائر فرصة الحصول على تطوير مهني عالي الجودة. ويعكس موضوع مؤتمر"TESOL" لهذا العام، المتمثل في الذكاء الاصطناعي في الفصول الدراسية، التزامنا بتوظيف التكنولوجيا للارتقاء بتعليم اللغة الإنجليزية وتمكين المتعلمين والأساتذة من بلوغ مستويات أعلى من الكفاءة.

ما هي أبرز المنح وبرامج التكوين المتاحة للجزائريين للدراسة أو التدريب في الولايات المتحدة؟

توفر السفارة الأمريكية مجموعة متنوعة من برامج المنح والتبادل لدعم الجزائريين الراغبين في متابعة دراساتهم أو تطوير مسارهم المهني في الولايات المتحدة، من بينها برنامج "فولبرايت" للدراسات العليا، وبرنامج  (SUSI) للأساتذة والمهنيين، وبرنامج الزائر الدولي للقيادة (IVLP)، وغيرها.

وحاليا، فُتح باب الترشح لبرنامج "SUSI" المخصص لمعلمي وإداريي التعليم الثانوي. صُمم هذا البرنامج الأكاديمي المكثف، لفائدة معلّمي التعليم الثانوي وإدارييه، ويهدف إلى تعزيز المناهج الدراسية وتزويد المشاركين بالموارد اللازمة لتدريس مواضيع تتعلق بالولايات المتحدة عند عودتهم إلى مؤسساتهم.

يمكن للمرشحين المهتمين الإطلاع على مزيد من المعلومات وتقديم طلباتهم عبر زيارة موقعنا الإلكتروني على الرابط التالي:

https://urls.fr/oTYStx

ونشجع الجزائريين على استكشاف هذه الفرص والاستفادة من الموارد المتاحة للنمو الأكاديمي والمهني.

ما هي آليات الدعم التي توفرها السفارة للباحثين والأكاديميين الجزائريين؟

نوفر مجموعة من أشكال الدعم للباحثين والأكاديميين، تشمل برنامج "فولبرايت" للزائرين الأكاديميين، ومنحا بحثية، وفرصا للتبادل الأكاديمي. كما سيساهم القطب البحثي الجديد بجامعة سيدي عبد الله، الذي أُنشئ بالشراكة مع جامعة نوتردام، في تعزيز التعاون البحثي بين المؤسسات الجزائرية والأمريكية.

ما هي أبرز الفعاليات الثقافية الأمريكية التي تنظمها السفارة في الجزائر على مدار السنة؟

تفتخر السفارة الأمريكية بالمشاركة في كبرى التظاهرات الثقافية في الجزائر، بهدف تعزيز التفاهم المشترك وتشجيع التبادل الثقافي بين الجزائريين والأمريكيين. وتشارك السفارة الأمريكية سنويا في معرض الجزائر الدولي للكتاب (SILA)، حيث تقدّم للزوار لمحة عن الأدب والثقافة الأمريكية بالإضافة إلى الفرص التعليمية المتاحة. وخلال دورة سيلا 2025، استضافت السفارة كتابا أمريكيين متميّزين هما تود شيبارد وتيرينس جيه بيترسون، اللذان تتناول أعمالهما موضوعات تتعلق بالتاريخ الجزائري، ونضال التحرر من الاستعمار، والتبادل الثقافي. تضمن جناحنا قراءات أدبية، وعروضا حول التعليم في الولايات المتحدة، ومعلومات عن برامج التبادل، وموارد لتعلّم اللغة الإنجليزية، بالإضافة إلى لمحات حول مبادرات أخرى للسفارة.

كما نشارك بانتظام في المهرجان الدولي للشريط المرسوم بالجزائر (FIBDA)، احتفاء بالإبداع الأمريكي في هذا المجال. وفي عام 2025، استقبلنا الفنانة العالمية الحائزة على عدة جوائز أليثا مارتينيز، والبروفيسورة ألكسندرا غيدان- توراك، حيث تفاعلا مع فنانين وطلبة وجمهور المهرجان، من خلال ورشات ونقاشات حول قوة الشريط المرسوم كوسيلة للإبداع والحوار.

وإلى جانب هذه التظاهرات الكبرى، تستضيف السفارة موسيقيين وراقصين وصناع أفلام وفنانين تشكيليين أمريكيين  في الجزائر، لعرض مواهبهم والتعاون مع الفنانين والجمهور الجزائريين، تشمل هذه التبادلات الثقافية عروضا فنية وورش عمل ومشاريع مشتركة تهدف إلى تعزيز الإبداع وبناء روابط دائمة بين بلدينا.

  كيف تعمل السفارة على تعزيز التبادل الثقافي بين الشعبين الجزائري والأمريكي؟

تعمل السفارة بشكل وثيق مع وزارة الثقافة للحفاظ على التراث الثقافي الغني للجزائر، وتدعم هذه الجهود من خلال صندوق السفير للحفاظ على التراث الثقافي ومنح تمول مشاريع حماية المواقع التاريخية والمخطوطات والمتاحف والتعبيرات الثقافية التقليدية في مختلف أنحاء الجزائر.

وتشمل مبادراتنا ترميم مواقع أثرية هامة، والحفاظ على المخطوطات القديمة ورقمتنها، لاسيما في المناطق الجنوبية، إضافة إلى برامج بناء القدرات لفائدة المختصين الجزائريين في مجال التراث. كما نستضيف خبراء أمريكيين للتعاون مع نظرائهم الجزائريين وتبادل أفضل الممارسات والخبرات التقنية في مجال حماية التراث.

ومن خلال العمل المشترك مع السلطات الجزائرية والمجتمعات المحلية، تسعى السفارة إلى صون التراث المتنوع للجزائر لفائدة الأجيال القادمة وتعزيز التعاون الثقافي بين بلدينا.

ما هي أولويات السفارة الأمريكية في مجالي التعليم والثقافة في الجزائر خلال السنوات المقبلة؟

تتماشى استراتيجيتنا مع الأولويات الوطنية للجزائر في تعزيز تعليم اللغة الإنجليزية، مع الاستجابة للاحتياجات المتزايدة لاكتساب مهارات في اللغة الإنجليزية في مختلف أنحاء البلاد.

وتتمثل أولوياتنا في دعم البرامج التي توسّع الوصول إلى تعليم عالي الجودة للغة الإنجليزية لفائدة الطلبة والمهنيين والأساتذة في جميع مناطق الجزائر، مع بناء جسور تعليمية وثقافية متينة بين الولايات المتحدة والجزائر.

كيف ترى السفارة تأثير برامج التبادل الثقافي على العلاقات الثنائية بين البلدين؟

تشكل برامج التبادل الثقافي ركيزة أساسية في علاقاتنا الثنائية، حيث تعزّز الاحترام المتبادل والتفاهم والتعاون، وتساهم في بناء جسور تواصل دائمة بين مجتمعينا. ونؤمن بأن لهذه البرامج أثر إيجابي ومستدام على العلاقات الجزائرية-الأمريكية.