إلى جانب التساؤلات الكثيرة حول أسباب انحراف وسقوط حافلة في وادي الحراش بالعاصمة، أول أمس، برزت أيضا تساؤلات حول الأسباب التي أدت إلى وفاة الركاب الـ18، طرحها قانونيون من منطلق أن تحديدها كفيل بتحديد دقيق للمسؤوليات.
لم تمر مأساة سقوط حافلة نقل عمومي في وادي الحراش الآسن ومصرع 18 راكبا وإصابة نحو 24 آخرين، دون إثارة الجانب القانوني في المأساة الذي قد يؤدي إلى تحريك المسار القضائي.
وفي مثل هذه الأحداث المأساوية التي أحزنت جموع الجزائريين، ودفعت رئيس الجمهورية إلى إعلان حداد وطني لمدة يوم واحد، تفرض الأسئلة القانونية نفسها، لتأكيد أن الضحايا ليسوا أرقاما في سجلات وتقارير الحماية المدنية، وإنما ثمة جهة تحفظ لهم الحقوق بمختلف أشكالها.
ومن بين الأسئلة، توقف المحامي هبول عبد الله عند طبيعة السبب المباشر للوفاة، وكتب في حسابه على منصة التواصل الاجتماعي "فايسبوك": "هل كانت نتيجة الصدمة والارتطام؟ أم أنها حدثت حين امتلأت أحشاء الضحايا بمياه الوادي الملوثة فلفظوا أنفاسهم؟".
هذا التساؤل القانوني جوهري وحاسم وضروري في نظر المحامية رويبي فتيحة، بل اعتبرته في اتصال مع "الخبر"، اليوم، تساؤلا يضع يده على الجانب الأكثر مأساوية في هذه الكارثة.
والفرق بين الاحتمالين والفرضيتين ليس شكليا، بل يمس جوهر الحقيقة. فإذا أثبتت التحقيقات الطبية الشرعية، في تقدير القانونية، أن الوفاة كانت نتيجة الارتطام، فنحن أمام حادث مرور مأساوي. أما إذا كان السبب، تتابع المتحدثة، راجعا إلى امتلاء أجساد الضحايا بمياه ملوثة، فإن الأمر "يتجاوز حدود الحادث ليكشف عن إهمال جسيم وظروف بيئية كارثية ساهمت في تحويل حادثة سير إلى مأساة مضاعفة".
من الناحية القانونية، ترى رويبي أن تحديد السبب المباشر للوفاة "أمر حاسم في تحميل المسؤولية، لخطأ بشري محتمل من السائق أو ظروف الطريق، أو تقصير سلطات يفترض فيها حماية الأرواح وضمان بيئة آمنة.
وترى المحامية أن التساؤلات القانونية ليست فضولا، بقدر ما هي "دعوة صريحة إلى كشف الحقيقة كاملة بلا تردد، وإلى تحميل كل طرف مسؤوليته الأخلاقية والقانونية، حتى لا تتكرر المآسي بنفس الصورة، ويظل المواطن الضحية الأولى دائما".
ومن المعروف إجرائيا وقانونيا، أن الكارثة ستُحال تلقائيا إلى القضاء بوصفها حادث مرور جسمانيا، تمهيدا لتعويض الضحايا أو ذوي حقوق الذين لقوا مصرعهم، عملا بأحكام قانونية.
وفي حالة ما إذا تبين أن الحافلة غير مؤمّنة، فالقانون يحفظ حقوق الضحايا عبر "صندوق ضمان السيارات" الذي أُنشئ لتعويض ضحايا حوادث المرور في حالات عدم وجود تأمين أو عدم القدرة على تحديد المسؤول.
وإلى جانب المسؤولية المدنية، قد تقدّر الجهة القضائية المختصة اقليميا ونوعيا توافر أركان المسؤولية الجزائية، ومنها مباشرة متابعة قضائية لكل من كان سببا في حدوث الكارثة.

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال