أثناء الثورة الجزائرية المجيدة التي اندلعت في 1 نوفمبر 1954، تحركت مجموعة صغيرة من الجزائريين المقيمين في نيويورك، بروح وطنية وإيمان عميق بعدالة قضيتهم، من أجل إيصال صوت الجزائر إلى دوائر القرار الأمريكية. قاد هذا الجهد التاريخي الرجل الفاضل عبد القادر شندرلي، رفقة المناضلين محمد يزيد، الشريف قلال ومسعود زغار، حيث قاموا بحملة ضغط داخل أروقة مجلس الشيوخ الأمريكي بحثا عن نصير لقضية الجزائر العادلة.
وقد نجحوا في لفت انتباه شاب طموح من ماساتشوستس، عضو مجلس الشيوخ حينها، سيصبح لاحقا رمزا للأمل والحرية: جون فيتزجيرالد كينيدي.
لم يتردد السيناتور كينيدي في الغوص عميقا لفهم حقيقة الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وأجرى تحقيقا دقيقا حول سياسات الإمبريالية الفرنسية وقمعها لحقوق الشعب الجزائري.
زاد وعيه بالقضية بفضل صديقه المقرب، الصحفي البارز جو كرافت، الذي زار الجزائر في قلب المعارك والتقى بالمجاهدين في ميادين القتال، حيث كاد يفقد حياته هناك. عند عودته إلى الولايات المتحدة، نقل لكينيدي شهادات حية عن عزيمة الجزائريين وبطولاتهم، مما عمّق اقتناع السيناتور بعدالة نضالهم.
وفي 2 يوليو 1957، ألقى جون كينيدي خطابه الشهير في مجلس الشيوخ، المعروف بـ"خطاب الجزائر"، حيث وجّه انتقادات جريئة للاستعمار الفرنسي ودعا إلى حل عادل يضمن حق الشعب الجزائري في تقرير مصيره. كان هذا الموقف شجاعا وغير مألوف في وقت كان فيه كثيرون يتجنبون تحدي حليف للناتو مثل فرنسا.
وبعد خمس سنوات فقط، في عام 1962، تحقق ما كان يحلم به كينيدي، وانتزعت الجزائر استقلالها بفضل تضحيات مليون ونصف المليون شهيد. كان تأثير كينيدي – الذي ساهمت مجموعة الضغط الجزائرية في نيويورك بتشكيله – ذا بعد أخلاقي كبير، وساهم في تسليط الضوء الدولي على القضية الجزائرية.
إلى اليوم، لم ينس الشعب الجزائري الدعم الإنساني الذي قدمه جون كينيدي وعائلته. لقد أصبح هذا الموقف إرثا خالدا للأجيال القادمة ودليلا على التاريخ المشترك بين الأمريكيين والجزائريين في مقاومة الظلم والدفاع عن الحرية لكل بني البشر.
* الهواري عدلي، مؤسس الجمعية الجزائرية الأمريكية في بوسطن، ماساتشوستس
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال