ضمن شطحاته الاستفزازية ضد الجزائر، يواصل وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، اتخاذ إجراءات، أقل ما يقال عنها إنها تدفع لا محالة إلى إيصال القطيعة بين الجزائر وفرنسا إلى نقطة اللارجوع، إذ يسعى للحيلولة دون وصول الأعوان المعتمدين بسفارة الجزائر في فرنسا إلى المناطق المُقيّدة بالمطارات الباريسية، بغية التكفل بالحقائب الدبلوماسية، على خلاف ما تقتضيه القواعد الأساسية للممارسة الدبلوماسية، ودون مراعاة لسيادة الدولة الجزائرية في تسيير حقائبها الدبلوماسية.
تتمتع الحقيبة الدبلوماسية بحماية خاصة لضمان فعالية وسرية الاتصالات الدبلوماسية. وهي خاضعة لقواعد صارمة تنظم استخدامها وإدارتها، خاصة فيما يتعلق بطبيعة المحتوى ووسائل نقله. تشير الحقيبة الدبلوماسية إلى وسيلة نقل تُستخدم لتبادل مختلف الأشياء تحت حماية الحصانة الدبلوماسية. وتنظيم استخدامها خاضع لاتفاقية فيينا حول العلاقات، ووفقا لهذه الاتفاقية، يجب أن تمكن الحقائب الدبلوماسية أو القنصلية الحكومات من التواصل مع بعثاتها الدبلوماسية، ومن التواصل فيما بينها من خلال إرسال مغلق.
الحقائب التي لا يمكن أن تحتوي إلا على المراسلات، أو الوثائق أو الأشياء ذات الطابع الرسمي، يجب أن تحمل علامات خارجية مرئية تسمح بالتعرف عليها، وأن تكون مختومة بختم الدولة المرسلة (أو البعثة)، الذي يجب أن يضمن غلقها بطريقة لا يمكن انتهاكها.
وتشير الحقيبة الدبلوماسية إلى مفهوم قانوني ودبلوماسي يسمح بإرسال مستندات وأشياء رسمية محمية بحصانة ولا يمكن فحصها، ويُستخدم من قبل البعثات الدبلوماسية والقنصلية. وهي تخضع لقواعد دولية لضمان سرية وأمان الاتصالات بين الدول. وتنص اتفاقية فيينا حول العلاقات الدبلوماسية لعام 1961، لاسيما الفقرة السابعة من المادة 27، على المبادئ الأساسية لحصانة الحقيبة الدبلوماسية والاتصالات الرسمية، إذ إن الحقيبة الدبلوماسية محصنة ولا يمكن فتحها، أو حجزها، أو إخضاعها لأي نوع من المراقبة (إلكترونية، أشعة سينية) إلخ.. والحقيبة الدبلوماسية معفاة من الرسوم الجمركية والضرائب والرسوم الأخرى، باستثناء رسوم التخزين أو النقل.
ويجب أن تحتوي الحقيبة على مستندات وأشياء للاستخدام الرسمي للبعثة الدبلوماسية. ويجب أن تحمل علامات مرئية تشير إلى وضعها الدبلوماسي. وفي حالة الشك، يمكن فتحها بحضور ممثل عن الدولة المرسلة. ويمكن نقلها عبر البريد الدبلوماسي أو الطائرة أو أي وسيلة مناسبة أخرى. كما يجب أن يتم النقل بطريقة آمنة وسرية، ويكون المسؤولون الدبلوماسيون مسؤولين عن محتوى وأمان الحقيبة.
تعتبر الحقيبة الدبلوماسية أداة أساسية في العلاقات الدبلوماسية، حيث تضمن سرية الاتصالات والتبادلات. وتتيح للدول الحفاظ على علاقات دبلوماسية دون تدخل خارجي، وهي رمز للسيادة والاستقلالية للدول.
وهي تخضع لرقابة وتنظيمات صارمة لتجنب سوء الاستخدام.
باختصار، الحقيبة الدبلوماسية هي مفهوم حاسم في العلاقات الدولية، حيث توفر حماية للاتصالات الرسمية بين الدول. وهي خاضعة للمعايير الدولية التي تضمن حصانتها ودورها في الحفاظ على سيادة الدول.
واعتبرت وزارة الخارجية أن هذا "الإجراء يشكل مساسا خطيرا للسير الحسن لعمل البعثة الدبلوماسية الجزائرية في فرنسا، مثلما أنه يُمثل انتهاكا صريحا لأحكام اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية".
وأمام هذا الوضع، قررت الجزائر تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، بشكل صارم وفوري، كما "تحتفظ الجزائر بحقها في اللجوء إلى جميع السبل القانونية المناسبة، بما في ذلك إخطار الأمم المتحدة، وذلك من أجل الدفاع عن حقوقها وضمان حماية بعثتها الدبلوماسية في فرنسا".
ومن شأن هذا القرار الندي أن يعرقل مصالح البعثة الدبلوماسية الفرنسية في الجزائر، ومن هذا المنظور من الصعب أن نفهم لماذا تترك رئاسة الجمهورية الفرنسية وزير داخليتها يعبث بالمصالح العليا لفرنسا وتتركه يجتهد من دون هوادة للمزيد من التعفن في العلاقات الثنائية بين البلدين؟

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال