العالم

فرنسا .. المحطة الأخيرة قبل الهاوية

رئيس الوزراء الفرنسي يكشف عن خطة مالية شاملة تهدف إلى خفض العجز الكبير في ميزانية الدولة.

  • 11676
  • 2:22 دقيقة
الصورة : ح.م
الصورة : ح.م

كشف رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، اليوم الثلاثاء، عن خطة مالية شاملة لميزانية عام 2026، تهدف إلى خفض العجز الكبير في ميزانية الدولة وهي الخطوة التي قد تشعل مواجهة سياسية جديدة داخل البرلمان الفرنسي، وسط مؤشرات على أزمة ثقة متصاعدة.

"إنها المحطة الأخيرة قبل الهاوية"، "لحظة حاسمة في تاريخنا"، "كل ثانية، تزداد ديوننا بمقدار 5,000 يورو"، هذه بعض من التعابير التي استخدمها بايرو في خطابه، الذي تصدرته عبارة "لحظة الحقيقة" مكتوبة بأحرف كبيرة فوقه، لتُبرز خطورة المرحلة. ومع ذلك، بدا رئيس الحكومة واثقًا من امتلاكه للحلول اللازمة: "الوقت متأخر، لكنه لم يفت بعد"، وأضاف: "يجب أن نتحرك بسرعة وبقوة، بعدل وإنصاف".

وشدّد على أن الحكومة "تريد إحداث التغيير مهما كان خطر الرقابة البرلمانية"، مضيفًا أن مناقشات البرلمان في الخريف المقبل وما قد يرافقها من مذكرات حجب الثقة ستحدد مصير حكومته.

إلغاء يومين عطلة مدفوعة الأجر

اقترح رئيس الوزراء الفرنسي إلغاء يومي عطلة رسميين، مستشهدًا بـ "الاثنين بعد عيد الفصح" و"يوم 8 ماي"، لكنه أبدى استعداده للنظر في مقترحات بديلة.

وقال: "يوم الاثنين بعد عيد الفصح لا يحمل أي دلالة دينية"، رغم كونه عطلة رسمية في أكثر من مئة دولة حول العالم.

أما يوم 8 ماي، الذي يُعتبر ذكرى انتصار الحلفاء في عام 1945، فقد أصبح يومًا للتذكير في عام 1946، وتحول إلى عطلة رسمية من 1953 إلى 1959، قبل أن يعيد الرئيس فرانسوا ميتران ترسيخه كعطلة عام 1981.

تجميد نفقات الدولة و"سنة بيضاء"

رسم بايرو صورة قاتمة عن المالية العامة، محذرًا الفرنسيين من خطورة "فرط الاستدانة" الذي "يجبر الدولة على الاقتراض شهريًا لدفع معاشات التقاعد أو رواتب الموظفين"، واصفًا ذلك بـ "اللعنة التي لا مخرج منها".

الهدف الأساسي هو خفض العجز إلى 4.6% من الناتج المحلي الإجمالي في 2026، مقابل 5.8% في 2024. ويأتي ذلك في سياق دولي متوتر، تجاريًا وعسكريًا، دفع الرئيس الفرنسي إلى المطالبة بإضافة 3.5 مليار يورو لميزانية الدفاع في 2026.

نتيجة لذلك، ارتفع الهدف الإجمالي للتقشف إلى 43.8 مليار يورو، بدلاً من 40 مليارًا كانت مذكورة سابقًا.

كذلك أعلن عن "سنة بيضاء" بالنسبة للمساعدات الاجتماعية، بما في ذلك معاشات التقاعد، والتي لن تُعاد تقييمها تبعًا للتضخم. كما ستُلغى الإعفاءات الضريبية الممنوحة للمتقاعدين على نفقات العمل. وسيتجمد أيضًا جدول ضريبة الدخل والمساهمة الاجتماعية العامة، ما يعني عمليًا زيادة في هذه الاقتطاعات.

"مساهمة تضامنية" من أصحاب الدخل المرتفع

أعلن بايرو عن استحداث "مساهمة تضامنية" مخصصة للفرنسيين "الأكثر ثراءً"، مشددًا على أن "جهد الأمة يجب أن يكون منصفًا" لتحقيق التوازن المالي. وأوضح أن هذه المساهمة "ستشمل أصحاب الدخل الأعلى"، كما كرّر رغبته في "محاربة التهرب الضريبي والتحايل على الثروات غير المنتجة".

وأعرب عن نيته مراجعة "الامتيازات الضريبية والاجتماعية التي تفيد بشكل أساسي الأسر الثرية والشركات الكبرى"، قائلاً إنه يريد "ملاحقة الامتيازات غير المجدية، بدءًا من تلك المقررة أصلاً للزوال".

وتواجه الخطة التي أعلن عنها بايرو تحديات سياسية حادة، في ظل غياب الأغلبية البرلمانية للحكومة في الجمعية الوطنية، ما يعزز المخاوف من تصويت جديد بحجب الثقة، شبيه بذلك الذي أطاح بسلفه ميشيل بارنييه في ديسمبر الماضي بعد تأجيل تقديم ميزانية 2025.