الفرنسيون أنفسهم، رسميون، نخب وإعلام يعترفون بأن اتفاقية الهجرة بين فرنسا والجزائر لعام 1968 فقدت الكثير من محتواها وأضحت مجرد اتفاقية تشبه "قوقعة فارغة"، فهل في إلغائها مثلما يسوق لها تيار اليمين، الحل السحري الذي ينقذ فرنسا مما يسميه أحفاد الكولونيالية من أمثال فيليب دوفيليي " من الموت من قبل العربي ".
لم تعد فرنسا، تفرق بين " التكتيك " و"الاستراتيجيك "، جراء تطاحن حزبي انتخابي، وهو وضع على سوئه، لا يسع المرء القول نحوه سوى " الله يقوي شيطانكم ".
استعمال اتفاقية الهجرة لأغراض سياسوية بالشكل الذي تمت به، هو سقوط آخر لفرنسا في خطأ آخر بعد خطأ حل البرلمان، والدعم اللامشروط للكيان المحتل والتورط معه في تنفيذ جريمة الإبادة، ودعم المغرب في احتلال الصحراء الغربية، وقبله خطأ التنكر لوجود أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي، وتقليص التأشيرات والتضييق على البعثات القنصلية والدبلوماسية في باريس وغيرها، كل هذه الأخطاء السياسية، لم تزد في تكبير حجم فرنسا ولم تفلح في تصغير الجزائر.
بل لا يحق المكر السيء إلا بأهله، فتوالي الأخطاء، اسقط معه أوراق دعائية كان يضحك بها لأغراض انتخابية على الشعب الفرنسي ، بإيهامه بأن إلغاء اتفاقية الهجرة مع الجزائر، سيوقف مشكلة الهجرة في فرنسا ويوفر للخزينة الملايير، ستوجه لتحسين القدرة الشرائية وتخفيض المديونية وتوفير مناصب الشغل للعمالة الفرنسية.
هذا ما يسوقه زورا وبهتانا اليمين المتطرف ومن معه، بأن إلغاء هذه الاتفاقية، سيعيد بريق فرنسا الضائع وينهي أزمتها الخانقة والعاجزة عن الاتفاق لإعداد مشروع ميزانية للعام الثاني على التوالي، لأن الجزائر حالت دون ذلك.
هذه ورقة توت أخرى سقطت كان يتغذى منها اليمين المتطرف ومن معه من تيار اليمين، ويشحذ منها سيوف خطاباته العنصرية، مثلما سقطت ورقة علاج الجزائريين في المستشفيات الفرنسية دون مقابل، ومساعدات التنمية الوهمية، وها هو هذا التيار يتعرى من يوم لآخر وتسقط أكاذيبه الواحدة تلوى الأخرى، ولم يعد في جعبته من أوراق سوى إظهار دون أدنى حياء حقده الدفين وعدائه التاريخي ضد الجزائريين، وهذا الأمر علاج أصحابه بحاجة إلى مصحة نفسية، لأنه تحول إلى عقدة تأبى أن "تتطهر" من براثن العفن الاستعماري، وهي مشكلة أخرى بين أيدي الفرنسيين أنفسهم عليهم أن يحسبوا نتائجها جيدا، وإن كان عن نفسي فليتركوها تأخذهم إلى طريق "السد تدي ما ترد".

التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال