اقتصاد

ركاش: "إحلال الواردات مسار استراتيجي لتوجيه الاستثمار وتعزيز الإنتاج الوطني"

صرّح بذلك خلال يوم دراسي نُظم على هامش معرض الإنتاج الوطني.

  • 53
  • 2:10 دقيقة
جانب من معرض الإنتاج الوطني، الصورة: حمزة كالي "الخبر"
جانب من معرض الإنتاج الوطني، الصورة: حمزة كالي "الخبر"

أكد المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، عمر ركاش، أن إحلال الواردات (تقليل الاعتماد على السلع المستوردة من خلال إنتاجها محليًا بدل استيرادها من الخارج) يمثل مسارا استراتيجيا وأولوية وطنية لتوجيه الاستثمار المنتج، لما له من دور محوري في تعزيز التوازنات الاقتصادية الكلية، وعلى رأسها توازن ميزان المدفوعات، عبر تحفيز الإنتاج المحلي وترقية القدرات الوطنية.

 جاء هذا خلال يوم دراسي خُصص لموضوع "إحلال الواردات كأولوية لتوجيه الاستثمار"، نُظم على هامش معرض الإنتاج الوطني، حيث شدد ركاش على أن الجزائر تعتمد رؤية اقتصادية جديدة تقوم على الاستثمار المنتج باعتباره القاطرة الحقيقية للتنمية، في إطار مقاربة تهدف إلى تقليص التبعية للأسواق الخارجية وتعزيز السيادة الاقتصادية.

وأوضح المسؤول أن التجارب الاقتصادية العالمية أثبتت أن الدول التي نجحت في بناء قواعد إنتاجية قوية، هي تلك التي أحسنت توجيه استثماراتها نحو تثمين مواردها المحلية، وتطوير سلاسل القيمة، وربط المشاريع الاستثمارية بالطلب الحقيقي للسوق، بدل الاعتماد المفرط على الاستيراد.

 وأضاف ركاش أنّ إحلال الواردات لا يُطرح كخيار ظرفي أو إجراء مؤقت، بل كمسار استراتيجي يندرج ضمن أولويات التنمية الاقتصادية والصناعية، ويستوجب اعتماد مقاربة منسجمة تجمع بين السياسات الاستثمارية والسياسات التجارية، بما يضمن نجاعة التوجيه وحسن استغلال الإمكانات الوطنية.

 وفي هذا السياق، أبرز ركاش أن تشخيص وضعية التجارة الخارجية يكشف عن فرص حقيقية لإحلال الواردات في عدد من الشعب التي تتوفر فيها شروط الإنتاج المحلي، من بينها الصناعات الغذائية والتحويلية المرتبطة بالحبوب، الزيوت، السكر، مشتقات الحليب، وتعليب المنتجات الفلاحية، إلى جانب المدخلات الصناعية ومواد الإنتاج، لاسيما المواد الكيميائية الأساسية، البلاستيك نصف المصنع، مواد التغليف، وقطع الغيار والمكوّنات الصناعية المرتبطة بالمعدات الصناعية والفلاحية ووسائل النقل، فضلا عن مواد البناء ومستلزماتها ذات الأثر الكبير على فاتورة الاستيراد.

 وأشار المتحدث إلى أنّ هذه الشعب تمثل فرصا استثمارية ذات أولوية، تستدعي مرافقة خاصة وتحفيزا فعّالا، بما يسمح بتسريع تجسيد المشاريع ورفع نسب الإدماج الوطني وخلق قيمة مضافة مستدامة.

كما أوضح أن هذا اللقاء يهدف إلى بناء رؤية مشتركة بين مختلف الفاعلين في الحلقة الاقتصادية، وفتح نقاش معمّق حول العراقيل التنظيمية والتقنية التي تواجه المستثمرين، وآليات التحفيز الجبائي والمالي الأكثر نجاعة، إلى جانب سبل تسريع دخول المشاريع حيز الإنتاج وربطها المباشر بالسوق.

 وأكد المدير العام للوكالة أن تحقيق إحلال الواردات يظل رهين تكامل السياسات، ووضوح الرؤية، وتعزيز ثقة المستثمر، مبرزا في هذا الإطار دور الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار كحلقة وصل بين التوجيه الاستراتيجي للدولة والمؤسسة الاقتصادية، من خلال توجيه الاستثمار نحو الشعب ذات الأولوية، ومرافقة المشاريع ذات الأثر الاقتصادي، وتشجيع الاستثمارات التي ترفع نسب الإدماج وتدعم القيمة المضافة.

 كما اعتبر ركاش هذا اليوم الدراسي فرصة حقيقية للانتقال من مرحلة التشخيص إلى مرحلة الاقتراح، ومن تبادل الآراء إلى بلورة حلول عملية قابلة للتجسيد، بما يسهم في ترسيخ نموذج اقتصادي وطني قائم على الإنتاج، النجاعة، والسيادة الاقتصادية، وجعل إحلال الواردات معيارا عمليا لتوجيه الاستثمار في الجزائر.