يبدأ السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، اليوم الأحد، زيارة دولة إلى الجزائر تدوم يومين، وذلك بدعوة من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. وتأتي هذه الزيارة بعد نحو ستة أشهر من زيارة دولة كان قد أجراها الرئيس تبون إلى سلطنة عُمان، والتي توّجت بعدة قرارات ومبادرات ومشاريع تعاون ثنائية في مجالات واعدة.
تشهد العلاقات الجزائرية العُمانية تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، حيث تجمع البلدين روابط تاريخية وثقافية ودينية عميقة، بالإضافة إلى رؤى سياسية واقتصادية متقاربة. وفي هذا الإطار، تأتي الزيارة المرتقبة لصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد إلى الجزائر لتعزيز التعاون الثنائي وفتح آفاق جديدة للشراكة في مختلف المجالات.
وتربط الجزائر وعُمان علاقات دبلوماسية متينة منذ عقود، حيث كانت الجزائر من أوائل الدول التي اعترفت بسلطنة عُمان بعد استقلالها.
ويتميز التعاون السياسي بين البلدين الشقيقين بالتنسيق المستمر في المحافل الدولية، خاصة ضمن جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، حيث يدعمان القضايا العربية والإسلامية المشتركة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية العادلة.
الزيارات الرسمية المتبادلة، أبرزها زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى مسقط أواخر شهر أكتوبر 2024، والتي اعطت دفعًا قويا للعلاقات الثنائية.
وفي مجال التعاون الاقتصادي والاستثماري، ورغم الإمكانات الكبيرة، لا يزال حجم التبادل التجاري بين البلدين دون المستوى المأمول، ما يفرض فرصا كبيرة للتعاون في مجالات الطاقة (خاصة الغاز الطبيعي)، والصناعة، والزراعة، والسياحة.
سلطنة عُمان الشقيقة، التي تنفذ رؤية "عُمان 2040"، والجزائر التي تنفذ "رؤية 2030" يمكنهما الاستفادة من خبرة البلدين في قطاعات عدة، والاستثمار، لاسيما بالنسبة للجزائر التي تنتهج منذ خمس سنوات سياسة تنويع شراكاتها الاقتصادية، وتحرير القطاع الخاص من القيود الإدارية التي كبحت حركته خلال العقود الماضية، فاسحا المجال للشركات الأجنبية للاستحواذ على مقدرات السوق الجزائرية التي اعتمدت بشكل كبير على الاستيراد.
ومن المتوقع أن تناقش الزيارة مشاريع مشتركة في مجال النقل البحري واللوجستيك، نظرا للموقع الاستراتيجي للبلدين على مفترق طرق التجارة الدولية، بالإضافة إلى مشاريع طاقوية في مجال الصناعات البتروكيماوية، وتجميع السيارات.
وللعلاقة بين الجزائر ومسقط مجال للتعاون في قطاعات الثقافة والتعليم، حيث تشهد العلاقات الثقافية نموا مع تزايد التبادل الطلابي والجامعي، حيث تقدم منح دراسية للطلاب العُمانيين في الجامعات الجزائرية، خاصة في مجال اللغة العربية والعلوم الإسلامية.
ولا يستبعد الملاحظون أن تتيح زيارة ضيف الجزائر الكبير السلطان هيثم بن طارق إطلاق مبادرات مشتركة في مجال التراث الثقافي، مثل ترميم المواقع التاريخية أو إقامة معارض فنية مشتركة.
زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى الجزائر تمثل فرصة ذهبية لتطوير الشراكة بين البلدين إلى مستوى استراتيجي، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة، من خلال تعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية، ومن شأن ذلك أن يمكن الجزائر وعُمان من بناء نموذج ناجح للتعاون جنوب - جنوب، يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعزز التضامن العربي.
ورقة طريق لتعاون "رابح - رابح"
وتعزيزا للعلاقات والروابط والصلات الأخوية الوثيقة التي تجمع بين الجزائر وسلطنة عُمان، وتلبية لدعوة السلطان هيثم بن طارق، قام الرئيس تبون بزيارة دولة إلى سلطنة عُمان لمدة ثلاثة أيام ابتداء (28 -30 أكتوبر 2024).
وجاءت نتائج الزيارة تماشيا مع توجيهات قائدي البلدين، بتبادل الزيارات بين مختلف الجهات المعنية، من أجل متابعة وتنفيذ كافة المبادرات والبرامج المشتركة والتي ستعود بالنفع والفائدة على البلدين والشعبين.
ومن هذا المنطلق اتفق الجانبان على إنشاء صندوق استثماري مشترك جزائري - عُماني، يتم من خلاله إقامة شراكات ومشاريع مشتركة في مجالات الطاقة المتجددة والبتروكيماويات والزراعة الصحراوية والتكنولوجيا والسياحة وغيرها من المجالات الأخرى الواعدة.
كما أكد الجانبان على أهمية تعزيز فرص التواصل والشراكة على مستوى القطاع الخاص، والنهوض بالتبادل التجاري والصناعي والاستفادة من أسواق البلدين وموقعهما في النهوض بالصادرات الوطنية ووصولها لأسواق إقليمية وعالمية.
كما رحب الجانبان بالتوقيع على ثماني مذكرات تفاهم في قطاعات متنوعة، تشمل مجالات ترقية الاستثمار، وتنظيم المعارض والفعاليات والمؤتمرات، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والبيئة والتنمية المستدامة، والخدمات المالية، والتشغيل والتدريب، والإعلام.
التعليقات
شارك تسجيل الدخول
الخروج
التعليقات مغلقة لهذا المقال