الوطن

نحو تكريس السيادة المعرفية

هذا الانتقال، الذي أثار ارتباك النخب السياسية والإعلامية في فرنسا، يعيد في الواقع تعريف العلاقة بين الجزائر ومستعمرها السابق.

  • 248
  • 0:57 دقيقة
الصورة: حمزة كالي "الخبر"
الصورة: حمزة كالي "الخبر"

تعيش الجزائر منذ سنوات على إيقاع انتقال لغوي هادئ في ظاهره، عميق في دلالاته، يعكس إرادة الدولة في إعادة رسم خريطتها التعليمية والإدارية والإعلامية بما ينسجم مع روح الاستقلال والسيادة الثقافية.

ولم يأت هذا التوسع المتسارع لاستخدام اللغة الإنجليزية في المدارس والجامعات والإدارات العمومية من فراغ، بل من رؤية استراتيجية تدرِك أن موقع الجزائر في عالم اليوم لا يمكن أن يبنى على إرث لغويٍ استعماريٍ تجاوزه الزمن، بل على انفتاح متوازن يربط الأصالة بالحداثة والهوية بالمعرفة.

هذا الانتقال، الذي أثار ارتباك النخب السياسية والإعلامية في فرنسا، يعيد في الواقع تعريف العلاقة بين الجزائر ومستعمرها السابق على أسس الندية والاحترام المتبادل، بعيدا عن عقلية الوصاية اللغوية والفكرية. فاللغة، بالنسبة للجزائر الجديدة، لم تعد مجرد أداة تواصل بل أداة قوة ناعمة وركيزة للتقدم العلمي والاقتصادي والدبلوماسي.

وفي هذا السياق، يندرج إطلاق النسخة الإنجليزية لوكالة الأنباء الجزائرية كخطوة طبيعية في مسار بناء سيادة إعلامية تعكس صوت الجزائر للعالم بلغاته لا بلغات الآخرين. إن ما يحدث اليوم ليس مجرد تغيير لغوي وإنما مشروع وطني متكامل يؤسس لاستقلال معرفي شامل، يثبت أن الجزائر تمضي بثقة نحو بناء نموذجها الثقافي الخاص، حيث تتحدث بكل لغات العالم: الإنجليزية والفرنسية والصينية والتركية والإسبانية.. إلخ، وتعتز بهويتها الجزائرية الجامعة.