الوطن

دعوات جديدة لإجراء حوار وطني

جددت عدة أحزاب مطلب الحوار الوطني، وهو مسار سبق وأن تحدث عنه رئيس الجمهورية.

  • 876
  • 3:00 دقيقة
لقاء رئيس الجمهورية مع عدة أحزاب العام الماضي.
لقاء رئيس الجمهورية مع عدة أحزاب العام الماضي.

عادت دعوات إجراء حوار وطني بين مختلف القوى الحية في البلاد للظهور على لسان قيادات حزبية، مؤخرا، رفعتها في سياق التحولات الدولية والإقليمية التي تطرأ بشكل متسارع، ومن المستحيل مجاراتها من دون تلاحم وانسجام وطنيين بين مختلف الفاعلين الأساسيين في الدول، وهي الطبقة السياسية والمجتمع ومؤسساته.

 وجددت عدة أحزاب مطلب الحوار الوطني، وهو مسار سبق وأن تحدث عنه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، العام الماضي، في خطاب له عقب أدائه اليمين الدستورية للعهدة الثانية، وضرب له موعدا في أواخر السنة الجارية ومطلع السنة المقبلة.

 وقال تبون، يومها، إنه يعتزم في العهدة الجديدة "وفي ظروف تسمح لنا بذلك، سنقوم باتصالات مكثفة واستشارات مع كل الطاقات الحية للوطن، السياسية منها والاقتصادية وكذا الشبانية"، مضيفا أنه "سيتم مباشرة حوار وطني مفتوح لنخطط معا للمسيرة التي ستنتهجها بلادنا فيما يخص تجسيد الديمقراطية الحقة وليس ديمقراطية الشعارات".

 وفي خضم الأحداث وتأزم الكثير من المناطق المحيطة بالجزائر، واندلاع بها مواجهات مسلحة غير تقليدية، تنخرط فيها قوى دولية، وتستعمل فيها أدوات عديدة، عنيفة وناعمة، ارتأت قيادات حزبية إطلاق نداءات للذهاب نحو حوار وطني جامع، مقدمة العديد من المبررات والتشخيصات التي تفرض وتملي هذا الخيار والمسار السياسي.

 ومن بين الأحزاب التي ترافع لهذا الطرح، جبهة القوى الاشتراكية، تحت قيادة، الأمين الوطني الأول، يوسف أوشيش، الذي يرى أن "خلاص البلد يمر عبر نهضة وطنية شاملة تُجسد واقعا من خلال التقاء القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية حول عقد تاريخي لاستكمال المشروع الوطني".

 ويسمي أوشيش هذا المسار، وفق كلمة له بمناسبة ذكرى استعادة الاستقلال، "العقد التاريخي الذي يتجاوز الحسابات السياسوية الضيقة، ويُشكّل أرضية مشتركة للتفكير والعمل، ومجالًا للحوار والتلاقي، قائمًا على أهداف عملية وواضحة: الحفاظ على الاستقلال والسيادة الوطنية"، مشيرا إلى أن السلطة، "من جانبها، مطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بتحمّل مسؤولياتها التاريخية كاملة، من خلال تبنّي مقاربات سياسية جديدة، عقلانية وشجاعة، كفيلة بإعادة بناء جسور الثقة مع المجتمع، وتجديد العلاقة بين مؤسسات الدولة والمواطن".

 ولا يمكن بناء وطن قوي ومتماسك، في تصور المرشح الرئاسي السابق، بمنطق "الإقصاء والانغلاق، أو من خلال اختزال الشأن العام في السياسات الأمنية أو في بيروقراطية الأجهزة الإدارية، وتهميش أو تحييد قوى المجتمع الحية من أحزاب، نقابات وجمعيات أو من نخب وكفاءات وشباب ونساء".

بدورها، تشكل حركة مجتمع السلم جزءا من التيار الذي يرى ضرورة إجراء الحوار الوطني، مع اختلاف في الشكل والمضمون نسبيا، قياسا بالأحزاب الأخرى، فالحركة، برئاسة عبد العالي حساني شريف، اقترحت منذ يومين، "تأسيس هيئة وطنية للشراكة والحوار، تضم ممثلين عن الدولة والقوى السياسية والاجتماعية".

 هذه الرؤية التي طرحتها "حمس"، والمختلفة، من حيث الشكل ومن حيث الإطار، ترمي إلى جعل المسعى "إطارا جامعا لمناقشة التحديات الوطنية وتنسيق الجهود لمواجهتها".

وفي تصور الحركة، فإن المسار يجمع ممثلين عن الدولة والقوى الأخرى، ما يُفهم بأن الحوار يكون تشاركيا ولا تشرف عليه السلطة، مثلما جرى في المناسبات الماضية.

 من جانبه، جدد حزب "طلائع الحريات" دعوته للحوار الوطني، بقوله في آخر نشاط له، الأسبوع الماضي، خلال إحياء ذكرى تأسيسه العاشرة، وذلك من أجل "التوافق على الإصلاحات السياسية بغرض تحصين الدولة من كل المخاطر"، مع "وضع الاقتصاد على سكة الإقلاع المنشود".

 وأكد الحزب المعارض على "تعزيز الوحدة الوطنية وسيادة الدولة وتقوية الجبهة الداخلية وتعبئة كل القوى الحية".

 وفي نفس الاتجاه، تطرقت حركة النهضة في بيان لها، مؤخرا، إلى مطلب الحوار الوطني، كعنصر أساسي، بالقول: "نوجه الدعوة إلى السيد رئيس الجمهورية للإسراع فيما تعهد به من قبل بإجراء حوار سياسي وطني يفضي إلى فتح المجال السياسي والإعلامي".

 هذا المسار في نظر قيادة الحركة، "يُمكّن من تجنيد القوى الحية في المجتمع لتحصين الصف الداخلي، باعتباره سدا منيعا أمام جملة المخاطر والتهديدات التي تواجهها الجزائر".

 وعادة ما تتعالى الأصوات التي تطالب بالحوار الوطني، خلال الأزمات الدولية والإقليمية، والتحرشات والتهديدات التي تحيط بالدول، وتكثيف الأنشطة المشبوهة والمؤامرات، التي من الصعب صدها في حالات ترهل الجبهة الداخلية وغياب التوافق الوطني، وتردي الوضع الاجتماعي، وهي مداخل تستغلها قوى ومحاور الشر لإضعاف الدول.