الوطن

نحو رفع عدد المحاكم التجارية وتوسيع اختصاصاتها

بهدف تحقيق نجاعة أفضل في معالجة النزاعات التجارية التي تتزايد بوتيرة متسارعة.

  • 1139
  • 2:12 دقيقة
الصورة : ح.م
الصورة : ح.م

أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، على ضرورة تكثيف المحاكم التجارية عبر مختلف ولايات الوطن، لتسريع وتيرة الفصل في النزاعات التجارية، وتحقيق فعالية أكبر في معالجة الملفات ذات الطابع الاقتصادي، بما يسهم في تخفيف الضغط على الجهات القضائية والمواطن.

 وأشار رئيس الجمهورية، خلال افتتاح السنة القضائية، أمس الأحد، إلى أن تراكم القضايا التجارية خلق انطباعا سلبيا لدى المواطن ببطء العدالة، ما يشكل دافعا مباشرا نحو التفكير في إعادة هيكلة هذه الجهات القضائية، وتوسيع نطاقها بما يضمن تحقيق نجاعة أفضل في معالجة النزاعات التجارية التي تتزايد بوتيرة متسارعة.

 وكانت المحاكم التجارية المتخصصة قد أنشئت بموجب قانون الإجراءات المدنية والإدارية، كآلية قضائية لتسوية المنازعات التجارية المحددة حصرا، وتم الإسراع في تنصيبها عقب توجيهات الرئيس بمناسبة افتتاح السنة القضائية لعام 2022، في سياق ديناميكية شاملة لدعم الاستثمار الوطني، خاصة بعد صدور قانون الاستثمار في جويلية من السنة نفسها.

 وقد بلغ عدد هذه المحاكم 12 محكمة متخصصة، تم توزيعها على أقطاب رئيسية على غرار الجزائر العاصمة، وهران، قسنطينة، عنابة، سطيف، ورڤلة، وتلمسان ولعبت هذه المحاكم دورا محوريا في الفصل في النزاعات ذات الصلة بالعقود التجارية، الإفلاس، المنازعات بين التجار والشركات، إضافة إلى الالتزامات التجارية، وذلك وفق ما يحدده قانون الإجراءات المدنية والإدارية، وضمن اختصاص محدد بدقة في المرسومين التنفيذيين رقم: 52-23- المحدد لشروط وكيفيات اختيار مساعدي المحكمة التجارية، ورقم: 23-53 المحدد لدوائر الاختصاص الإقليمي للمحاكم التجارية المتخصصة.

 ورغم ما مثلته هذه المحاكم من نقلة نوعية في بنية القضاء، إلا أن أداءها اصطدم، حسب بعض المختصين، بعدة عراقيل، أبرزها نقص عدد القضاة المتخصصين في المادة التجارية، وبطء رقمنة الإجراءات، وضعف التنسيق بين الجهات القضائية الإدارية والتجارية، الأمر الذي أبطأ عملية التقاضي وأسهم في تراكم القضايا لدى المحاكم المتخصصة.

 ومع شساعة الرقعة الجغرافية للجزائر وتزايد النشاط الاقتصادي عبر مختلف ولاياتها، بدا جليا أن حصر المحاكم التجارية في 12 ولاية فقط لم يكن كافيا لتلبية الحاجيات الوطنية في هذا المجال.

وقد أدى هذا التمركز إلى ضغط كبير على المحاكم الحالية، مع تضاعف عدد القضايا المطروحة، وعلى المتقاضين الذين يجبرون على التنقل من ولايات بعيدة إلى أقطاب قضائية معينة، ما يزيد من الأعباء المالية والزمنية، ويطيل من آجال الفصل في القضايا.

 وقد أسهم هذا الوضع في ترسيخ صورة سلبية لدى المواطن حول بطء الجهاز القضائي، في الوقت الذي تسعى فيه الدولة لتحسين مناخ الأعمال وتعزيز ثقة المستثمرين.

 وانطلاقا من هذا الواقع، اعتُبر تصريح رئيس الجمهورية خلال افتتاح السنة القضائية بمثابة انطلاقة نحو مراجعة شاملة لتنظيم القضاء التجاري، من خلال التوجه نحو رفع عدد المحاكم التجارية وتوسيع اختصاصاتها الموضوعية لتشمل كافة جوانب النشاط التجاري والاقتصادي، وتوسيع تغطيتها الجغرافية لتقريب العدالة من المتقاضين.

 ويرى متابعون أن الإصلاح المزمع في قطاع المحاكم التجارية لا يندرج فقط ضمن تحسين أداء القضاء، بل يمثل جزءا من إستراتيجية أوسع لتهيئة بيئة قانونية وقضائية ملائمة لجذب الاستثمار وتعزيز الشفافية، بما يواكب تطورات الاقتصاد الوطني والدولي.