+ -

 في ثمانينات القرن الماضي، أذكر أننا كنا طلبة بالمرحلة الثانوية، وقد كانت لنا بعض العراقيل والمشاكل مع مدير المؤسسة، هذا الأخير الذي يدير المؤسسة بشكل صارم خاصة بالنسبة للطلبة الداخليين الذين يرون من قسوته وجبروته أنهم في ثكنة عسكرية وليس في ثانوية تعليمية. وقد حاولنا تغيير ذلك النمط في بعض الأنشطة الترفيهية في أوقات الفراغ، إلا أن سيادته رفض أي مبادرة بالرغم من الطلبات والاقتراحات المقدمة إليه، بل تعدى الأمر إلى متابعة أصحاب تلك المبادرات الذين اعتبرهم من رؤوس الفتنة الذين يسعون إلى الإخلال بالنظام الداخلي للثانوية.

لا أمل في الحصول ولو بنسبة ضئيلة على المطالب المرفوعة، لقد تعدى الوضع إلى إصداره قرارات عقابية في حق البعض من الطرد من الداخلي لعدة أيام ذات الإثنين مساء، حيث لا دراسة فيها، حيث يفرج على طلبة النظام الداخلي للخروج إلى المدينة ومنه لتغيير بعض الأجواء بعيدا عن الانضباط والنظام. في مقهى من مقاهي المدينة اجتمع مجموعة من الطلبة في جلسة تبادل كل وجهة رأيه في تغيير الوضع في الثانوية، ووقف جبروت المدير، فنطق أحدهم: عليكم بالحزب.. أين استقبلهم أمين القسمة الذي كان يتوسط مجموعة من المناضلين، لقد كان يستمع إلى انشغالاتنا باهتمام كبير، وبعد أن أتممنا حديثنا، رفع السماعة مباشرة طالبا الثانوية التي كان مديرها على الخط مباشرة، لقد كان حديثه كله توجيهات ونصائح أسداها لسيادة المدير، وبعد أن أغلق السماعة ترجانا قائلا.. أنتم الغد والمستقبل لهذا البلد، ولم يزد سوى أن طلب منا الاهتمام بدراستنا وعدم إحداث الفوضى، مختتما كلامه: اعتبروا من الآن أن مطالبكم قد لبيت، متمنيا لنا النجاح والتوفيق، مع إعلامه بكل ما يعترض مطالبنا مستقبلا... في طريق انحداري حيث الثانوية، كانت نشوة الانتصار تغمرنا، ومنذ ذلك اليوم لوحظت ليونة من جانب المدير الذي طلب منا تعيين ممثلين عنا في تقديم كل مشروع علمي أو ترفيهي من شأنه خدمة الطالب.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات