38serv

+ -

مدح الله سبحانه وتعالى المتواصين بالحقّ والصّبر والمرحمة فقال عزّ وجلّ: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} البلد:17، وقال تعالى: {وَالْعَصْرِ *  إِنَّ الْإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ *  إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} العصر: 1-3. إنّ سُنّة التواصي سُنّة إلهية نبوية، أوصانا الله تعالى ونبيّه صلّى الله عليه وسلّم بها.فإذا كانت سُنّة التّواصي قائمة بين المسلمين يبقى الحقّ معروفًا وإلاّ ضاع، والتمسّك بالحقّ لا يمكن إلاّ بصبر؛ لأنّ الحقّ صعب، ولأنّ التمسك به فيه معاناة، وخصوصًا في زمن الفتنة، فلا بدّ من صبر على التمسّك، ولذلك قال سبحانه وتعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}، أي الصّبر على طاعة الله، الصّبر عن معصية الله، الصّبر على أقدار الله المؤلمة، ثمّ التّواصي بالمرحمة. والمرحمة أن يَرحم النّاس بعضهم بعضًا، يلين بعضهم لبعض، يعطف بعضهم على بعض، وبهذه الثلاثة يكمل دين النّاس، التّواصي بالحقّ، والتّواصي بالصّبر، والتّواصي بالمرحمة. والوصيّة منهج قرآني، قال الله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} الشُّورى من الآية 13.لقد أرشدنا الله جل في عُلاه في كتابه العزيز إلى أنواع من الوصايا، كوصايا لقمان لابنه، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} لقمان: 13، إلى جانب وصيّته تعالى بالوالدين فقال: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} الأحقاف من الآية 15.كما نجد وصايا نبيّنا الكريم صلّى الله عليه وآله وسلّم لأصحابه، كقوله عليه الصّلاة والسّلام لأبي ذر رضي الله عنه: ”أوصيك بتقوى الله في سِرّ أمرك وعلانيته، وإذا أسأت فأحسن” رواه أحمد وهو حديث حسن. وقال رضي الله تعالى عنه: ”أوصاني خليلي صلّى الله عليه وسلّم بسبع: ألاّ أخاف في الله لومة لائم” رواه أحمد. وأوصى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معاذ رضي الله عنه فقال: ”يا معاذ، لا تَدَعَنَّ في دُبُر كلّ صلاة أن تقول: اللّهمّ أعِنّي على ذِكْرِك، وشُكرك، وحُسْن عبادَتِك” رواه أبو داود. وقال لابن عبّاس رضي الله عنهما: ”يا غُلام، إنّي أُعَلِّمُك كلمات: احفظ الله يَحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنت فاستَعِن بالله، واعْلَم أنّ الأمّة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلاّ بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضرّوك بشيء لم يضرّوك إلاّ بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعَت الأقلام، وجُفَّت الصّحف” رواه الترمذي. وهكذا كان أصحاب رسول الله عليه الصّلاة والسّلام يعملون بوصاياه من بعده، وهذا جرير بن عبد الله البجلي يقول: ”بايعتُ النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام على النُّصح لكلّ مسلم” رواه البخاري ومسلم.ولا ننسى وصايا السّلف الصّالح فيما بينهم، والّتي ترتكز أساسًا في أمور الأخلاق والآداب والسلوك، فقد كتب إبراهيم بن أدهم إلى بعض إخوانه: ”عليك بتقوى الله الّذي لا تحلّ معصيته، ولا يُرجى غيره، واتّق الله، فإنّ مَن اتّقى الله عزّ وقوِيَ، وشبع ورُوِيَ، ورفع عقله عن الدّنيا”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات