+ -

إذا كانت مبادرة حمس في التوافق الوطني للرئاسيات القادمة تهدف إلى تكرار تجربة 1999 مع الأفالان والأرندي ومن يسير في فلكهما، فإن الحوار مع الأفالان والأرندي وعمارة بن يونس في هذا الأمر لا معنى له... والمفروض أن تقوم حمس بالدعوة إلى الحوار مع من جند هؤلاء سنة 1999 لبوتفليقة وما تلاها من السنوات ومن العهدات، لأن القيادة الفعلية لهذه الأحزاب حالها مثل حال القيادة الفعلية لحمس تتواجد خارج الحزب ومؤسساته النظامية!الإصلاح الحقيقي للنظام السياسي الجزائري لا يكون بإجماع جديد في ظل الدستور القائم، والذي يكرس سلطة الجيش على الرئاسة من خلال وجود هذه العلاقة الخاصة بين الجيش والرئيس، تعيينا وإنهاء للمهام، وممارسة للمهام!لا يوجد حتى الآن في الحياة السياسية والدستورية والقانونية ما يدل على أن الرئيس القادم لن يكون من اختيار المؤسسة العسكرية بالأساس، لأنه لا يوجد تصور سياسي وغير سياسي يسمح بأن يعين الشعب، صاحب السيادة دستوريا، الرئيس دون أن يكون للجيش يد في تعيينه، وهو الرئيس الذي يرأس الجيش أكثر مما يرأس الشعب والحكومة!الواقع اليوم يقول: سواء تم تمرير العهدة الخامسة أو تم الاستغناء عن هذا الخيار، فإن من يقرر هذا الأمر ليس أحزاب الموالاة ولا أحزاب المعارضة... بل من يقرر ذلك هم أصحاب الحق الإلهي في تعيين الرؤساء، ولهذا فإن فكرة الدعوة إلى توافق وطني حول الرئيس القادم هي فكرة مستهلكة ولم يعد لها أي بريق سياسي... والحديث عنها يقودنا صراحة إلى الدعوة إلى تكرار الذي حصل سنة 1999... كما أن دعوة حمس إلى التوافق مع الوجوه الموجودة حاليا في الواجهة السياسية للحكم معناه سد نفس الشعب في الحديث عن التغيير، في حين أن التغيير الذي يبحث عنه الشعب هو الذي يتم خارج ما هو قائم من مؤسسات مدنية سياسية ودستورية، أصبحت روائح الفساد فيها تزكم الأنوف.تدخل الجيش في التغيير يمكن أن يكون له دوره الإيجابي إذا تم خارج ما هو قائم من مؤسسات دستورية، بما يتوافق مع مطلب الشعب في التغيير الفعلي، وليس التغيير الشكلي المرحلي، الذي يؤدي إلى تأجيل الأزمة وليس حلها.. التجربة التونسية التي نجحت إلى حد ما في إحداث التحول، كان من بين شروط نجاحها أن المؤسسات التي كانت قائمة قبل حركة التغيير قد تم تجاوزها بمؤسسات خارج ما هو قائم، ولهذا تم الالتفاف الشعبي حول التغيير بدءا بالانتخابات التأسيسية وانتهاء بالمؤسسات الانتقالية وصولا إلى المؤسسات المنتخبة[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات