+ -

العدالة الجزائرية تتعرض هذه الأيام إلى عبثية مؤسسة.. فبعد تقديم قضية البوشي على أنها جريمة عابرة للأوطان والقارات في تجارة الكوكايين، وعابرة أيضا للمؤسسات والمسؤولين على المستوى الوطني، تحولت القضية على مستوى العدالة بقدرة قادر إلى قضية فساد عقاري وقضية رشوة واستغلال النفوذ، وسجلت قضية الكوكايين ضد مجهول!وبعدها جاءت عملية سجن الجنرالات الخمسة، وقُدمت القضية في العدالة على أنها ضربة بيد من حديد تقوم بها العدالة ضد الفساد والمفسدين، وبعد أسابيع من سجن هؤلاء تم إطلاق سراحهم، وقدمت القضية للرأي العام على أنها تصحيح مظلمة وإنصاف من العدالة لهؤلاء! ولم يحس الفاعلون بأن الأمر فيه بهدلة للعدالة لم تحصل في تاريخ هذه السلطة، حتى في عهد الحزب الواحد.وأمس، سُجل فصل آخر من فصول بهدلة العدالة، من خلال محاكمات صحافيين قالوا إنهم هرّبوا أموالا وشنطجوا رجال أعمال وسرّاقا ومرتشين في الدولة، وانتهت التحقيقات إلى أن التهم الموجهة لهؤلاء ليست سوى قذف وحشر للأنف في أعراض الناس، وهي أفعال لا ترقى إلى مستوى السجن المؤقت، فتم إطلاق سراحهم، دون أن تحس العدالة بأنها تبهدل القطاع بهذه الطريقة، بل أكثر من ذلك قالوا إن المعنيين سيخضعون إلى تحقيق تكميلي فيما نسب إليهم، وهذا معناه أن العدالة لم تقم بمهامها كاملة، وسجنت الناس قبل التحقق من التهم! هل هذه هي النتائج التي أسفرت عنها عمليات إصلاح العدالة؟!والأغرب من هذا كله أن مصالح العدالة على مستوى التحقيق قدمت للمحامين وثائق تثبت بأن هؤلاء تم سجنهم قبل رفع دعوى ضدهم من الجهات الشاكية، وهي بهدلة أخرى للعدالة! فلو كانت العدالة عدالة فعلا لقامت بالتحقيق مع من أمر بسجنهم قبل تقديم الشكوى، ولتم استدعاء من قدم الشكوى للتحقيق معه، كيف يقدم شكوى تحت الطلب لفائدة من اعتقل هؤلاء خارج القانون؟! واضح أن القضية ليست قضية عدالة ومخالفات، بل هي قضية هوشة وتصفية حسابات في حكاية الصراع على السلطة ومن له الحق الإلهي في تعيين من يحكم الجزائر عهدة أخرى باسمهم! لكن هذه الهوشة المؤسفة حولت العدالة إلى أداة في يد أشخاص وعائلات فسادية وليست سياسية، وأن أجهزة الأمن تحولت هي الأخرى إلى أداة في أيدي أشخاص يعبثون بها، وتقوم العدالة بالتغطية عليهم لاحقا؟!قضية الكوكايين والجنرالات والصحافيين بينت بما لا يدع مجالا للشك بأن الأمر يتعلق بفساد الحكم وليس بشيء آخر! والعاجل هو إصلاح هذا الأمر وليس شيئا آخر، ومن دون ذلك سنعيش فصولا جديدة من البهدلة للعدالة والأمن والمؤسسات الدستورية ولا نتوقع أن تتوقف هذه المهازل مادامت القضية الرئيسية لم تحل، وهي قضية شرعية الحكم!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات